تحول رقمي بمليوني دينار
من أغرب ما قرأت هذا الأسبوع، هو ما حدث خلال اجتماع المجلس البلدي لمحافظة المحرق، والذي ناقش الميزانية الخاصة بنظام التحول الرقمي وسؤال رئيس اللجنة المالية والقانونية بالمجلس العضو فاضل العود عن نظام المراسلات.
فقد سأل العود وزارة شؤون البلديات عن نظام المراسلات، لكن الوزارة جاءت برقم الميزانية الكلية للتحول الرقمي والتي تبلغ 2 مليون دينار، وهو ما أثار حفيظة المجلس حول هذه الكلفة الهائلة لنشاط يفترض أن يكون غير مكلف.
وردت الوزارة بأن التحول الرقمي يشتمل على 13 نظاماً، وأكثر من 80 خدمة، وتظهر عند فتحه أيضاً رسومات غرافيكية، ولذلك بلغت كلفته 2 مليون دينار، وهو ما فجر أنهار الدهشة والتساؤلات لدى الأعضاء البلديين قبل المواطنين.. ماذا سيقدم نظام التحول الرقمي الجديد من خدمات فائقة تستلزم دفع 2 مليون دينار فيه، وهل نحن في حاجة لنظام مكلف لهذه الدرجة حتى نتحول رقمياً، وهل ما نراه اليوم من خدمات رقمية شاملة تقدمها الحكومة الإلكترونية، لا يصلح لأنظمة وزارة البلديات؟
والغريب أن نظام المراسلات الذي سأل عنه العود يعتبر ضمن هذه الكلفة الخيالية للتحول الرقمي، فما الجديد في مراسلة الوزارة رقمياً للمواطنين، خاصة وأننا في بلدٍ لو أراد مواطن يسكن في أقصى شمالها أن يخاطب مواطناً في أقصى جنوبها لذهب إليه في نصف ساعة وأنهى جميع المعاملات والمراسلات وعاد إلى بيته سالماً، أم أن هناك مراسلات ستُجرى عن طريق كواكب من خارج المجموعة الشمسية تستلزم ميزانيات ضخمة واتفاقيات كونية.
سؤال بسيط ربما قد يطرحه أي مواطن.. هل تم طرح مناقصة للتحول الرقمي وأرسيت على أقل عطاء، ولماذا لم تتم الاستعانة بالحكومة الإلكترونية وكوادرها في دمج الأنظمة الثلاثة عشرة والخدمات الثمانين لتكون في منصة واحدة.
هذا الرقم الخاص بميزانية التحول الرقمي لوزارة وحيدة، يجعلنا نتساءل عن باقي التحولات الرقمية في بقية الوزارات، ولماذا كل جهة تعمل بمفردها، فلو تم توحيد المعاملات والجهود في منصة وحيدة سيكون من الجيد للمواطن، الذي لديه من التطبيقات على هاتفه ما لا يعد ولا يحصى، ولن يقبل بالمزيد منها لإنهاء معاملة قد تكون لمرة واحدة أو مرتين في السنة.
تنويه أخير بشأن البرمجة والرقمنة، فلقد تحول العالم اليوم إلى قرية صغيرة يمكن من خلال «التحول الرقمي» العالمي أن نشتري نظاماً للتحول الرقمي «المحلي» من دول كثيرة بسعر قد لا يتجاوز 0.001% من هذه الكلفة المعلنة، أو أن نعود لعصر ما قبل الإنترنت والتواصل المباشر وجهاً لوجه بين المواطن والمسؤول حتى نتجنب الانتظار شهوراً عدة لننجز معاملة بسيطة قد لا تتطلب أكثر من خمس دقائق من هذا اللقاء.