مدحت محي الدين يكتب : الرجل الغامض بسلامته
متأكد عزيزى القارىء أنك عندما قرأت عنوان هذا المقال تبادر إلى ذهنك فوراً اسم الدكتور محمد البرادعى لأنه حاز على لقب وصفة أكثرالرجال غموضاً فى مصر مؤخراً وفى محاولة منا لتفسير غموض هذا الرجل ومواقفه دعنانتعرف أكثر عليه ، يدعى محمد مصطفى البرادعى من كفر الزيات محافظة الغربية ،ميلاده كان فى 17يونيو1942 ، حصل على ليسانس الحقوق من جامعة القاهرةعام1962 والتحق بالعمل الدبلوماسى عام1964وعمل فى جنيف ونيويورك وحصل على الدكتوراه فى القانون الدولى من جامعة نيويورك عام1974ولكن الذى لا يعلمه الكثيرين ولم يتم الإشارة إليه أو الإعلان عنه من قبل أن البرادعى كان عضواً فى الفريق المفاوض الذى شارك فى مباحثات " كامب ديفيد" التى أسفرت عن معاهدةالسلام مع إسرائيل فى عهد الرئيس الراحل انور السادات ، فى عام 1980عمل البرادعى بالأمم المتحدة وفى عام 1997تولى منصب المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، حصل على جائزة " نوبل " للسلام عام 2005أثناء عمله بالوكالة ، وفى عام2006منحه الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك قلادة النيل العظمى وهى أرفع وسام فى مصر. اشتهر البرادعى بأنه " أيقونة الثورة" وأنصارالبرادعى يصفونه بأنه ملهم ومفجر ثورة 25يناير ،وبعد الثورة أسس البرادعى حزب الدستور وفى ديسمبر2012قاد البرادعى جبهة الإنقاذ وهى عبارة عن تحالف أبرز الأحزاب المعارضة لقرارات مرسى ، فى عام 2013 وبعد30يونيو وعزل مرسى فى 3يوليوعين البرادعى نائباً لرئيس الجمهورية للعلاقات الخارجية. بالرغم من أن البرادعى كان نائباً لرئيس الجمهوريةللعلاقات الخارجية إلا أننى أعتقد أنه كان رئيس الوزراء الخفى الذى اختار أغلب وزراء حكومة حازم الببلاوى وذلك لأن عدد كبير من الوزراء فى هذه الحكومة من جبهةالإنقاذ ، وأعلم عزيزى القارىء أنك ستسألنى لماذا وصفته "بالخفى" ؟ وأجيبك عزيزى القارىء بأن مواقف البرادعى الأخيرة تدل على أن هذا الرجل يخشى المواجهة ويؤكد ذلك استقالته فى هذاالتوقيت المريب وسأفسر لك قصدى عزيزى القارىء ولكننى أريد أن أقول لك قبل التفسيرأن الملفت بعد استقالة البرادعى وسقوط قناعه هو سقوط العديد من الأقنعة وخاصة فى حكومة الببلاوى مثل الوزير "ح.ع " وغيره ، هذا بالإضافة إلى أن جبهةالإنقاذ تغرق وتبحث عن من ينقذها . بعد إعلان البرادعى عن استقالته من منصب نائب رئيس الجمهورية للعلاقات الخارجية فى 14 أغسطس بعد فض إعتصامى رابعة والنهضة بحثت كثيراً عزيزى القارىء عن سببا مقنعاً وأعتقد والله أعلم أن البرادعى خاف أولاً من أن تسحب منه جائزة " نوبل " للسلام وذلك لأن قانون جائزة نوبل هو لو أنك خالفت ما أخذتها من أجله تسحب منك الجائزة ، وثانيا أعتقد أنه بالإضافة إلى ذلك هوخوفه من اهتزاز صورته أمام الغرب وإذا كان السبب ذلك فهو عذر أقبح من ذنب لأنه كان من الممكن أن يرفض البرادعى أى منصب سياسى منذ البداية ويظل الرجل الحكيم الذى يسبق فكره فكر الآخرين بسنوات ولكن وقعت قدمه واتشح بالخطيئة. مصر تواجه الآن مؤامرة محلية ودولية وللأسف البرادعى قفزمن السفينة لينجو بنفسه غير عابىء لمصير السفينة ولا مصير الركاب ، المشكلة عزيزى القارىء ليست فى الشعب المصرى العظيم بل المشكلة فى السياسيين اللذين تسقط أقنعتهم واحد تلو الآخر مذكرينا بأغنية " بانوا بانوا بانوا على أصلكوا بانوا "، مشكلة الإستقالة عزيزى القارىء هى التوقيت الغريب والمريب فقد جاءت بعد بيان البيت الأبيض الذى أعلن عن رفضه لفض اعتصامات رابعة والنهضة بساعتين وغير أن التوقيت خاطىء فإن الأسباب التى أعلنها للإستقالة أعطت الذريعة والجرأة لكل من هب ودب فى الخارج مثل أمريكا والإتحاد الأوروبى وقطر وتركيا للتدخل فى شئون مصر الداخلية، وأياً كانت مبررات البرادعى فهى غير مقبولة وهنا أريد أن أسأل ما الحلول التى قدمتها يا دكتور برادعى لحل أزمة اعتصامى رابعة والنهضة؟، والآن وبعد استقالةالبرادعى بدأ يتحدث البعض عن كونه كان عضواً فى منظمة يرأسها صهيونى والله أعلم ماذا سيقول الناس أيضاً ولكن المتأكد منه هو أن الدكتور محمد البرادعى رجلاً غامضاهرب من المسئولية وطار إلى مسكنه فى النمسا بالسلامة تاركاً الجو شديد الحرارةوالرطوبة ومفعم بالمشاكل والأزمات فى مصر. وبمناسبة هروب البرادعى من المشاكل فى مصر منذ متى كان البرادعى حاضراً أو عالماً بمشاكل مصر والمصريين ؟!! تغيب البرادعى لفترات طويلةعن مصر فنسى بلدنا من زمان ، لا أعتقد أن البرادعى تشاجر قبل ذلك مع سائق تاكسى على الأجرة أو تزاحم وسط رائحة العرق فى المترو أثناء عودة الناس من عملهم ولاأعتقد أن البرادعى ركب سيارة ميكروباص قبل ذلك وحضر السائق وهو يسب التّباع الذى يجمع الأجرة ، كما أننى لا أعتقد أن البرادعى استقل قطار الصعيد أو سافر به لمدة12ساعة ورأى بعينه دورات المياه الغير آدمية بهذه القطارات، أعتقد أن الدكتورالبرادعى لو أكل رغيف عيش مصرى مدعم أو شرب كوب ماء من " الحنفية "سيصاب بنزلة معوية حادة ، المهم أن البرادعى أثبت أنه لا يفهم شعبه كما كان يدعى وأنه يصلح لأن يكون رئيساً للوزراء فى سويسرا أو النمسا التى بها أسرته ومسكنه ولكن مصر لا ، فالبرادعى لا يعرف مصر ولا شعبها. والآن عزيزى القارىء أرى كمواطن مصرى بسيط أنه لابد منسحب قلادة النيل التى منحت للبرادعى لأنه لا يستحقها ، هذه القلادة عبارة عن مبلغمن المال يدفع شهرياً للبرادعى كمكافأة له والآن وبما أنه أثبت أنه لا يستحقهافلماذا يأخذها؟! لماذا يأخذها وجندى الأمن المركزى الذى يضحى بحياته من أجل مصروشعبها يستحقها أكثر منه ؟! العسكرى الغلبان الذى يدافع عن منشآت الدولة وعن أقسام الشرطة يستحقها أكثر من البرادعى ، الجندى الذى يستشهد على حدود سيناء وهو يؤدى واجبه ويحمى بلده أحق بقلادة النيل من البرادعى ، كل جندى فى سيناء والعريش يتعرض كل لحظة للهجمات الإرهابية أحق بقلادة النيل من البرادعى أو تحلى أنت ببعض النزاهةيا دكتور برادعى وتنازل عنها لأنك بالفعل لا تستحقها. بالنسبة للموقف الآن عزيزى القارىء أرى أنه لابد ولابديل عن حل سياسى مجتمعى فى إطار دولة القانون ، أعلم أن مصر تخوض حرباً طاحنة ضدالإرهاب ولكن لابد من محاولة احتواء الموقف بحكمة حتى لا يدهس فى الأحداث برىء ولاأحد يقول " ما حدش يكلمنى عن الحريات والحقوق وإحنا بنتكلم عن الأمن القومى" لأنه هناك مواطن غلبان يسعى إلى كسب قوت يومه ليطعم أولاده وليس له ذنب فى أن يؤذى سواء من جانب إرهابيين أوبنيران صديقة ـ لا قدّر الله ـ ، وأخيراً ندعو لشهداء مصر بالرحمة وأن يحقن المولى ـ عز وجل ـ دماء المصريين ، اللهم إنا نستودعك مصر وشعبها فاحفظها ويسر لها الخير وأصرف عنهاكيد الحاقدين يا أرحم الراحمين.