كفى جحودا بمصر.. وعظم الله أجركم في الأمم المتحدة
لا يمكن التطرق إلى أي من قضايا الوطن العربي دون ذكر اسم مصر، بما لها من ثقل سياسي وشعبي، وتأثير ممتد وفاعل على مدار التاريخ، فأرض الكنانة هي قلب العروبة النابض.. كما أن القضية الفلسطينية بلا شك هي القضية الأكبر والأهم، والتي كان - ولا يزال - لمصر فيها دور حيوي ومؤثر على المستويات كافة. بعد أحداث السابع من أكتوبر، وما تلا ذلك من حصار إسرائيلي لقطاع غزة، بما في ذلك من تدمير متعمد للبنى التحتية والمرافق الحيوية، بالتزامن مع ارتكاب الكيان المحتل لمجازر يندى لها جبين الإنسانية، رأينا مصر تتحرك على مختلف المستويات، بداية من الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي قالها صراحة إن القضية الفلسطينية لها الأولوية، رافضا تهجير أبناء غزة إلى سيناء، ليس لأن مصر ترفض احتضان الأشقاء الفلسطينيين، ولكن منعا لتصفية القضية الفلسطينية.. .ثم دور هذا الشعب العظيم الذي يتزاحم بالآلاف عند معبر رفح لتوصيل المساعدات إلى المحاصرين في غزة، فضلا عن الحملات لمقاطعة منتجات المؤسسات والكيانات الاقتصادية العالمية الداعمة للكيان المحتل. ورغم كل هذه الجهود، يخرج علينا من يصرخ بأعلى صوته "أين مصر؟ وأين جيش مصر؟". وهنا أقول صحيح إن مصر برجالها وجيشها الباسل هو خط الدفاع الأول والأهم في وطننا العربي، لكن لمن ينادون بالحرب أسأل: هل إذا أعلنت مصر الحرب ستقفون إلى جوارها؟ هل سترسلون جيوشكم؟ هل ستدعمون هذا الجيش المصري العظيم بما لديكم؟ أم أن الأمر لا يعدو كونه مزايدات رخيصة وحديثا للاستهلاك المحلي فقط؟ كلها أسئلة مشروعة طالما تنادون وتصرخون وتستنجدون بمصر. فيما أذكركم ونفسي بأن الجيش المصري هو الجيش العربي الوحيد الذي خاض حروبا حقيقية وعديدة في مواجهة الجيش الإسرائيلي، لذا فلسنا في محل اختبار لمعدن هذا الدرع العربي الأصيل، فضلا عن ذلك فليس يغيب عن أحد أن مصر دولة لها قيادة وحكومة وبرلمان منتخب من الشعب، بل هي أقدم دولة في التاريخ، والأمور فيها لا تدار بالأهواء والقرارات الانفعالية، بل تدرس الأمور بعناية وتحسب الخطوات قبل اتخاذها. أكرر وأزيد، أن مصر برئيسها وحكومتها وشعبها، لا يألون جهدا في نصرة الأشقاء في غزة بل وفي مختلف مناطق فلسطين، ومواقف مصر لا تنكر ليس بداية من عام 1948 فقط وليس انتهاء بالعدوان الجاري على غزة، والتاريخ خير شاهد. لقد لعبت مصر دورا مهما في دعم القضية الفلسطينية على مر التاريخ، منذ نكبة فلسطين في عام 1948 وحتى اليوم، قدمت مصر العديد من التضحيات وبذلت الجهود والمساهمات لدعم الفلسطينيين ونضالهم من أجل الحرية والعدالة والحق. وبعد ثورة يوليو عام 1952، قادت مصر العالم العربي في دعم القضية الفلسطينية. وتبنت الحكومة المصرية سياسة التصدي للصهيونية والتضامن مع الفلسطينيين وحقهم التاريخي في أرضهم ودولتهم. وعلى مر التاريخ، عملت مصر على تعزيز الدعم الدولي للقضية الفلسطينية من خلال الجهود الدبلوماسية المستمرة. واستضافت القاهرة العديد من الاجتماعات والمفاوضات الدولية، وشاركت في تنظيم المبادرات السلمية للتوصل إلى حل سياسي عادل وشامل. إلى جانب ذلك، تواصل دعم مصر للفلسطينيين من خلال تقديم المساعدات الإنسانية والاقتصادية والسياسية، ودعم القضية الفلسطينية في المنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية. ولا أخفيكم سرا، فلقد قدمت مصر للفلسطينيين في السر من المساعدات والتضحيات أضعاف أضعاف ما قدمته في العلن، لكن ليس كل ما يعرف يقال، وهي أمور التاريخ كفيل بإظهارها مستقبلا. وعلى الجانب الآخر من النهر، قامت مصر دورا حاسما في تسهيل الجهود الرامية للمصالحة الفلسطينية وتوحيد الفصائل الفلسطينية المتنازعة. على سبيل المثال، ساعدت مصر في التوصل إلى اتفاق المصالحة بين حركتي فتح وحماس في عام 2011 واتفاق المصالحة الأخير في عام 2021. والحقيقة التي لا يمكن إلا لجاحد أن ينكرها هي أن مصر لا تزال تلتزم بالجهود الرامية إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة، وتعمل دوما على تعزيز التضامن العربي والدولي لتحقيق هذه الأهداف. ومنذ بدايات القرن الماضي وحتى اليوم، ارتكب الصهاينة العديد من المجازر في حق الشعب الفلسطيني، بداية من المجازر في حيفا والقدس عام 1937 وحتى العام 1947 وحتى العدوان الجاري في غزة وخصوصا مجزرة مخيم جباليا وقصف المستشفى المعمداني. كل هذه الجرائم حرب ذبح خلالها أطفال ونساء وشيوخ عزل، بينما العالم يقف مغمض العينين على المستوى الرسمي رغم التعاطف الشعبي العالمي مع الشعب الفلسطيني. وهنا أسأل أين منظمة الأمم المتحدة التي يصدع رؤوسنا مسؤوليها بكلام رنان عن الإنسانية والعدل والحق؟! والحقيقة أن سؤالي هذا لا إجابة له، فالأمم المتحدة منظمة مختطفة من قبل الولايات المتحدة والغرب، فهي لسانهم الذي يتحدث نيابة عنهم، ولو أن أي عربي ينتظر أن تتحرك الأمم المتحدة لنجدة الفلسطينيين فهو واهم. يا عزيزي العربي يا من تعول على دور الأمم المتحدة أقولها لك بملء الفم: عظم الله أجركم.