أشرف كاره
الأولويات القـــــــــــــــــاتلة
جمعت مؤخراً بينى وأحد مدراء العموم لإحدى التوكيلات الناجحة بالسوق المصرية مكالمة هاتفية (مميزة)..، تحدثنا فيها عن رؤيتهم للتحول إلى السيارات النظيفة (خاصة الكهربائية)، وخاصة مع توالى حصول شركتهم الأم على العديد من الجوائز العالمية لأداء وتصاميم سيارات الشركة الكهربائية الحديثة ... ليتم مفاجأتى من خلال ردوده على استفساراتى بأنهم مضطرين لتأجيل هذا الإتجاه بشركتهم على المدى القصير (على الأقل) ومتعللاً بالآتى:
٪ أن حجم الاستثمارات التى يجب ضخها من الشركة للاستعداد لتقديم سياراتهم الكهربائية الناجحة تلك سيكون أكبر بكثير مما يمكن توقع بيعه من سيارات (على المدى القصير)، فالأمر لا يقتصر على البنية التحتية المعززة لتلك السيارات خاصة على الطرق السريعة وما بين المدن، بل يتخطاه لاحتياجهم لعمل برامج تدريب وأقسام مخصصة للسيارات الكهربائية بمراكز خدمة الشركة، بخلاف أرصدة قطع الغيار اللازمة لتلك السيارات ... وهو الأمر الذى يفضل توجيه استثماراته على المدى القصير إلى سد إحتياجات عملاءهم المتطلبين للسيارات التى يبيعونها والعاملة بالوقود التقليدى (البنزين)، وهى سيارات ناجحة جداً بالسوق المصرية سواء التى تأتى ضمن فئة الـ SUV أو فئة الهاتشبك الرياضية...
٪ على الجانب الآخر، لاضطرار الشركة لتأجيل هذا التحول ذ بالرغم من اعتراف هذا المدير المحترم بأهمية وجهة نظرنا وأن التحول للسيارات الكهربائية آت لا محالة وأنه بطبيعة الحال توجه حكومى وطلب رئيسى للقيادة السياسية - إلا أن الظروف الاقتصادية التى تفرضها الأوضاع القائمة من قيود على الاستيراد ونقص بتوفير العملات الحرة، قد مثل على شركتهم ضغطاً كبيراً ذ شأن باقى شركات السوق ذ وبالتالى محدودية كميات الاستيراد من سياراتهم التقليدية بشكل مطلق والتى تحظى بقدر كبير من الطلب عليها بالسوق.
٪ وبالوقت نفسه وبالرغم من اعتراف هذا المدير الكبير لتلك العلامة الناجحة بالسوق المصرية للسيارات بأن اقتصاديات تشغيل السيارات الكهربائية هى الأفضل على المدى المتوسط والطويل، إلا أن سعر سياراتهم الكهربائية وإن كانت معفاة من الضرائب الجمركية ذ شأن باقى سيارات العالم الكهربائية ذ إلا أنها تتصف بارتفاع سعرها النسبى مقابل سيارات الشركة الأخرى العاملة بالوقود التقليدى، وهو الأمر الذى يعزز من فكرة تأجيلهم لاستيراد تلك السيارات الكهربائية على المدى القصير.
هذا، وبالرغم من تفهمى التام لوجهة نظر هذا المدير المحترم، إلا أننى بدأت فى التفكير وسؤالى نفسى: بهل ستكون تلك نفس الرؤى والردود إذا ما كانت قيود الاستيراد ونقص العملات الحرة غير موجودة؟؟ بالطبع لا.. وهو ما يجبرنا على السؤال الذى يليه: إذا ما كانت الدولة وقياداتها السياسية تدعو لسرعة التحول إلى وسائل التنقل النظيفة بجميع فئاتها وأنواعها ذ وهو الأمر الذى سينعكس على الصحة والبيئة بشكل كبير من جانب، وسيتوافق مع التحول العالمى الذى لا مفر منه على الجانب الآخر ذ فلما الانتظار؟وليس هذا فحسب، بل من الواجب على جميع أجهزة الدولة الحكومية أن تبادر وتسارع بهذا التحول مع مركباتها الحكومية سواء سيارات خاصة أو باصات أو حتى شاحنات لتكون بذلك القدوة الأعلى لشعب دولتها، وأن لا تضطرهم لفرض أولويات لتنفيذها على أنفسهم بسبب تلك القيود المالية والاقتصادية.