رواج السياحة الداخلية بالإسكندرية خلال أشهر الصيف.. (تحقيق)
تحقيق- سميرة سالم
عبد الوهاب محمد: السياحة الترفيهية سجلت أعلى نسبة إيرادات خلال شهري يونيو ويوليو محمد عبد العزيز: مقومات الإسكندرية تؤهلها لجذب للسياحة الداخلية أحمد عامر: من أجمل المدن الساحلية علي حوض البحر الأبيض المتوسط تعتبر الإسكندرية من أهم محافظات جمهورية مصر العربية فهي العاصمة الثانية وقبلة السياح حيث تتجه نحوها حركة السياحة الداخلية من المحافظات المجاورة منذ عقود طويلة على مدار العام وخاصة فصل الصيف، لما تتضمنه من مقومات تؤهلها لتلك المكانة الكبيرة. بداية أوضح محمد عبد الوهاب، مدير مكتب وزارة السياحة بالإسكندرية، بأن السياحة الداخلية هي السياحة القائمة على السكان المحليين داخل حدود الدولة، والكثيرين يفضلون محافظة الإسكندرية لأنها تعتبر من السياحة المتوسطة سعريًا فهي منخفضة التكلفة بالنسبة لأسعار الإقامة والانتقالات نسبيًا مقارنة بأماكن أخرى مثل الغردقة وجنوب سيناء وغيرها. وتابع بأن الاسكندرية محافظة ساحلية من الطراز الأول، ولها تاريخ كبير ضمن المحافظات السياحية في جمهورية مصر العربية، ويفضل الكثير قضاء عطلته بها واستعادة ذكرياته بها، كما أنها تحتوي على عوامل جذب تشجع لاختيارها لقضاء أوقاتهم بها، حيث احتلت السياحة الترفيهية اعلا نسبة اشغال خلال شهري يونيو ويوليو والتي بلغت نسبة ١٠٠٪ بالعطلات الرسمية الممتدة خلال فترة عيد الأضحى وثورة ٢٣ يوليو ورأس السنة الهجرية. وأشار إلى أن نسبة السياحة الداخلية خلال أشهر الصيف تبلغ 60% من إجمالي إيرادات السياحة، فيما تصل إلى 40% خلال أشهر الشتاء، حيث تكون عومل جذب الإسكندرية للسياحة الخارجية أكبر خلال فصل الشتاء نظرًا لأن حالة الطقس تكون مناسبة بشكل أكبر للأجانب. وأضاف بأن من ضمن عوامل الجذب التي تتمتع بها محافظة الإسكندرية أنها تحتوي على عدد كبير من أنواع السياحة مثل السياحة الترفيهية أو الشاطئية والثقافية والرياضية والمؤتمرات. وتابع: "السياحة الثقافية تتمثل بوجود المتاحف، كما أننا لدينا أكبر أعداد تم تسجيلها للسياح لزيارة للمواقع الأثرية مثل كوم الشقافة وعمود السواري ويليهم المتحف اليوناني الروماني وقصر المجوهرات، كل ذلك يدل على أننا نشهد إقبال كبير على السياحة الثقافية، وذلك بخلاف من يعتقد أن الإسكندرية تعتمد على السياحة الشاطئية فقط، وكانت أعلى نسبة إيرادات تم تسجيلها خلال شهر مايو الماضي كانت قادمة من قطاع السياحة الثقافية والتاريخية". وقال بأن لدينا أنماط أخرى من السياحة مثل السياحة الرياضية، فالشواطئ ليس المقصود بها الترفيه فقط بل يمكن ممارسة الألعاب الرياضية أو إقامة البطولات الرياضية من خلال النوادي الاجتماعية من محافظات أخرى، وسنحاول هذا العام تعظيم هذا النوع من السياحة على شواطئنا من خلال تنفيذ خطة بالتعاون مع الجهات المعنية لتقام سياحة رياضية على شواطئ الثغر. وأضاف بأن سياحة المؤتمرات وهي أهم نمط سياحي مسيطر في الإسكندرية بنسبة 70%، وتصنف بأنها سياحة داخلية وخارجية حسب موضوع المؤتمر فيعتبر في إطار تبادل تحركات مؤسسات المجتمع المدني تشجيعًا لحركة السياحة الداخلية، كما تتصدر سياحة المؤتمرات والسياحة الترفيهية قائمة أعلا نسبة إنفاق في أنواع السياحة الداخلية. وأشار إلى أن من أمثلة السياحة الترويجية بالثغر المهرجانات التي تُقام مثل مهرجان الموسيقى الذي يُقام في دار أوبرا الإسكندرية، فهو بمثابة ترويج مباشر للمكان المُقام به المهرجان وغير مباشر للمحافظة ككل. وأكد بأن من الخطأ الشائع حصر الإسكندرية في الأماكن الشاطئية فهي لديها من مقومات الجذب السياحي الكثير من الأماكن السياحية والأثرية مثل المتحف القومي والمتحف اليوناني الروماني والذي سيتم افتتاحه قريبًا ومتحف المجوهرات ومتحف الأحياء المائية ومكتبة الإسكندرية التي تتضمن أنماط مختلفة من المتاحف مثل الأثري والمعاصر العلمي مثل القبة السماوية، والمهرجات التي تقام خلال شهري يوليو وأغسطس مثل مهرجان الأغاني في دار الأوبرا تحت رعاية وزارة السياحة والأثار ومهرجان خاص بالعروض الفنية بدار الأوبرا أيضًا، بالإضافة للمولات الضخمة والشواطئ، كلها عوامل جذب. وقال دكتور محمد عبد العزيز، وكيل المعهد العالي للسياحة والفنادق بالإسماعيلية "إيجوث"، أن السياحة الداخلية مصدر مهم من مصادر الدخل القومي، مشيرًا إلى أن مقومات الإسكندرية السياحية تؤهلها بشكل أكبر كعوامل جذب للسياحة الداخلية، على الرغم من توافر امكانيات السياحة الدولية بها، إلا أنها لم تستغل استغلالًا جيدًا لذلك، مثل الأماكن الترفيهية والفنادق خمس نجوم، والدليل على ذلك حصول شرم الشيخ والغردقة كمدن ساحلية على شهرة أكبر سياحيًا. وأكد بأن من أهم المقومات التي جعلت الإسكندرية تحتل المكانة الأهم في السياحة الداخلية هو انتشار الوحدات أو الشقق الفندقية وغيرها ذات الأسعار المنخفضة مقارنة بأسعار الفنادق السياحية والتي يعتمد عليها السائح المصري بشكل أساسي، نظرًا لأن عميل السياحة الداخلية يبحث عن أقل تكلفة ممكنة سواء في الإقامة أو الأطعمة. وتابع: "وجود الخدمات السياحية وانتشار وسائل الترفيه منخفضة التكاليف مثل ممارسة رياضة المشي على الكورنيش وتناول الحلوى التي تشتهر بها الإسكندرية ودخول المطاعم والسينمات والمسارح كلها عوامل جاذبة، كما أنها تتميز بموقع جغرافي يجعلها قريبة من عدة محافظات يؤهلها لسياحة اليوم الواحد". وقال بأن المقومات التي تؤهل الإسكندرية لتحتل المراكز الأولى في السياحة الداخلية يمكن أن تزيد من أسهمها في مجال السياحة الدولية. وأشار إلى أن مصر بها العديد من المدن والمحافظات الجاذبة للسياحة الداخلية مثل بلطيم ورأس البر والاسماعيلية وبورسعيد وغيرها، نظرًا لانتشار الفنادق ثلاث نجوم أو الشقق الفندقية بها. فيما يرى الخبير الأثري والمتخصص في علم المصريات أحمد عامر، أنه رغم ارتفاع تكاليف الرحلات في تلك الفترة الحالية، مع تباين تقديرات البعض حول تلك الزيادات التى شهدتها أسعار الرحلات خلال الموسم الحالي مقارنة بالماضي، والتي تتراوح من ٢٥% إلي ٥٠%، إلا أن نحو ٢٥% من رحلات السياحة الداخلية دائما تكون عن طريق شركات داخلية أو مصانع وهيئات للعاملين بها، أو من الأفراد وغيرها من الجهات. وأشار "عامر" أن الإسكندرية تأتي في الوجهة الثانية من حيث السياحة الداخلية بنسبة ٣٠% بعد مدينة مرسي مطروح والتي تتصدر الوجهة الأولي بنسبة ٤٠%، بالإضافة إلى أن الإسكندرية بها العديد من المزارات السياحية والأثرية منها عمود السواري، وقصر المنتزه، وقلعة قايتباى، ومكتبة الإسكندرية ومقابر كوم الشقافة، والمسرح الروماني، ومنطقة الآثار الغارقة بأبي قير، والكثير من الحدائق والمتنزهات وغيرها، ونجد أن الإسكندرية تستوعب ما لا يقل عن ٩ ملايين سائح سنويا من مختلف محافظات الجمهورية. وتابع "عامر" أن الإسكندرية تعتبر واحدة من أهم المدن السياحية في مصر حيث يوجد بها الكثير من المعالم البديعة تجذب الكثير من السيّاح بداية من بحرها الرائع الممتد على مسافة كبيرة، مرورا بمعالمها الترفيهية والثقافية الراقية، وهي العاصمة الثانية لمصر وإحدى أجمل المدن الساحلية علي حوض البحر الأبيض المتوسط، بالإضافة إلي أنها تضم أكبر موانئ مصر على البحر المتوسط، وتشتهر بوجود مجموعة من أفضل الفنادق الراقية. واستعرض عامر تاريخ معالم الإسكندرية القديمة التي بناها الإسكندر الأكبر، بالتفصيل كما يلي:- كوم الشقافة:- تقع مقابر كوم الشفافة في حي غرب كرموز، وقد أطلق عليها هذا الاسم إحياءا للاسم اليوناني القديم "لوقوس كيرامايكوس" وترجع تسميه المنطقة بـ "كوم الشقافة" بسبب كثره البقايا الفخارية والكسارات التي كانت تتراكم في هذا المكان، وترجع أهمية المقبرة نظرا لأتساعها وكثرة زخارفها وتعقيد تخطيطها، كما أنها من أوضح الأمثلة علي اختلاط الفن المصري بالفن الروماني في الإسكندرية، وأروع نماذج العمارة الجنائزية السكندرية. عمود السواري:- يُعتبر عمود السواري واحداً من أشهر معالم الإسكندرية القديمة، حيث أنه كان دائماً موضع إعجاب للجميع علي مر العصور وذلك لفخامته وتناسق أجزائه في نفس الوقت، حتي إن كثيراً من القصص قد نُسجت حوله ومنها ما يحكي أن إثنين وعشرين شخصاً قد تناولوا الغذاء فوق تاجه، وقد صُنع من حجر الجرانيت الأحمر، أما عن إقامة العمود فمن المعروف أنه عقب تقطيعهُ من محاجر الجرانيت عند أسوان نُقل بطريق النيل، ثم حُمل في الترعة التي تمد الإسكندرية بالماء العذب ومن الترعة وُضع في مكانه الموجود حالياً، كما أن بنك الإسكندرية اتخذه شعاراً له، وقد تعددت أسماء العمود حيث أنه أُطلق عليه بالخطأ "عمود بومبي" حيث ظن الفرنجة وقتها أن رأس "بومبي" القائد الروماني هرب فراراً إلي مصر من "يوليوس قيصر" وقتله المصريون قد وضعت في جره جنائزية ثمينة فوق تاج العمود، تأثراً منهم بما اتبع من وضع رماد جثه الإمبراطور "تراجان" في جره جنائزية فوق عموده القائم بروما، أما عن تسمية العمود باسمه الحالي "عمود السواري" فترجع إلي العصر العربي ويُحتمل أن هذه التسمية نتيجة ارتفاع هذا العمود الشاهق بين أربعمائة عمود التي تشبه الصواري والتي أشار إليها السيوطي، لذلك أُطلق عليه "ساري السواري" وفيما بعد حُرفت إلي "عمود السواري". المسرح الروماني:- يقع المسرح الروماني في منطقة كوم الدكة بمدينة الإسكندرية، ويعد أحد أهم آثار العصر الروماني، ورابع أكبر المسارح الرومانية في العالم، والوحيد في مصر، وتمت إقامته في بداية القرن الرابع الميلادي، ونجد ان المبني مرت عليه ثلاثة عصور "الروماني – البيزنطي – المسيحي – الإسلامي" من النقوش والرسومات الموجودة على اجزاء من أثارة، أما عن تصميم هذا الأثر المهم المبنى مدرج علي شكل حدوة حصان أو حرف "U" ويتكون من 13 صفا من المدرجات الرخامية مرقمة بحروف وأرقام يونانية لتنظيم عملية الجلوس، وعن الاستخدامات التي ترتبط بهذه المسارح فمن الناحية التاريخية نجد أنها تعددت الاستخدامات علي مر العصور، ففي العصر الروماني وكان يسمي بـ "شارع المسرح " حيث استخدام المبني كصالة لسماع الموسيقي ففيه كانت تتوافر عناصر الاستماع بفضل وجود القبة ومنطقة الاوركسترا، أما الآن يستخدم كمزار سياحي، بالإضافة إلي إقامة الحفلات الثقافية بحضور أهم الفرق العالمية وكذلك إقامة العديد من المهرجانات الفنية. مكتبة الإسكندرية:- تعتبر مكتبة الاسكندرية واحدة من أشهر المكتبات في المنطقة والعالم، وقد اشتهرت هذه المكتبة العريقة عبر التاريخ بأسماء عدة منها المكتبة العظمى، ومكتبة الإسكندرية الملكية، وهناك اختلاف كبير حول تحديد الشخص الذي قام ببناء المكتبة للمرة الأولى في التاريخ، فالبعض ذهب إلى أن أول من بناها هو الإسكندر، والذي ضمنها في مخطط مدينة الإسكندرية عندما قام بتشييد المدينة وتخطيطها، في حين ذهب البعض الآخر إلى أن أول من قام ببناء المكتبة هو بطليموس الأول، وقال بعضهم إن الفضل في إنشائها يعود إلى بطليموس الثاني نظراً إلى أنه هو من أكمل عمليات البناء بعد انقضاء عهد بطليموس الأول، والذي أصدر الأمر ببنائها بحسب الروايات التاريخية، ولمكتبة الإسكندرية مكانة عظيمة جداً؛ ذلك أنها تعتبر من أقدم المكتبات الحكومية على مستوى العالم كله، ومما رفع من قدر المكتبة أيضاً احتواؤها على الكتب التي حفظت علوماً ومعارف من شتى بقاع المعمورة، فقد كانت هذه المكتبة بمثابة حلقة الوصل بين الثقافات الشرقية والغربية، وقد فرض على كل من كانوا يدرسون بها ويقومون على رعايتها أن يتركوا فيها نسخة من مؤلفاتهم، أما عن مكتبة الإسكندرية الجديدة بما أن مكتبة الإسكندرية كانت في القديم واحدة من أهم مكتبات عصرها، فقد تم العمل على مشروع إعادة إحياء هذا الإرث العظيم بالتعاون ما بين جمهورية مصر العربية وما بين الأمم المتحدة، حيث بنيت مكتبة جديدة بالقرب من الموقع الذي كانت تحتله المكتبة القديمة، وقد افتتحت هذه المكتبة العظيمة في العام ألفين وإثنين ميلادية، حيث تتنوع هذه الكتب بين شتى أنواع العلوم والمعارف ومن مختلف بقاع العالم، وما هذا إلا دليل على أن المكتبة تسير على خطى المكتبة الأم، فهي لا تزال إلى يومنا هذا حلقة وصل ما بين الشرق والغرب، وبوتقة تمتزج فيها مختلف الثقافات الإنسانية، ومما ضاعف من أهمية المكتبة تلك التقنيات الحديثة التي زُوِّدت بها، خاصة أرشيفها على شبكة الإنترنت، كما تضم المكتبة سبع مكتبات متنوعة لتناسب الجميع، ولعرض المعلومات بكافة الطرق الممكنة، والوسائل المتاحة والمتوفرة. قلعة قايتباي:- قلعة قايتباي أو حصن قايتباي هي أحد القلاع الدفاعية التي شيدت على سواحل البحر الأبيض المتوسط في مدينة الإسكندرية في مصر، تم إنشاء هذه القلعة في العام 1477م من قبل السلطان أشرف سيف الدين قايتباي، وقد كانت من أهم وأشد الحصون في ذلك الوقت على ساحل المتوسط وتم تشييدها على أنقاض منارة الإسكندرية وهذا هو الارتباط الوحيد بين المبنيين، ونجد أن قلعة قايتباي عبر التاريخ منذ إنشائها وهي تستخدم كحصن للدفاع عن مدينة الإسكندرية من الجيوش القادمة من البحر، وقد استخدمها جميع الملوك الذين مروا على حكم مصر حتى الغزو الإنجليزي لها في القرن التاسع عشر حيث تم الاعتداء على القلعة بشكل كبير وتعرضت للكثير من التصدعات، في تلك الفترة تم تهميش القلعة ولم يتم استخدامها حتى مطلع القرن العشرين عندما بادرت الحكومة المصرية بترميمها وجعلها رمزاً أثرياً للمدينة.