
محمود زاهر
الإهمال والإرهاب
الحوادث المرورية، أصبحت بالفعل، واحدة من أخطر المشكلات التي نواجهها، وأزمة حقيقية تحتاج إلى تدخل فوري وحاسم، بعد أن استعصت على الحل طوال عقود!
الإحصاءات الأخيرة التي كشفت عنها وزارة الداخلية، أصابتنا جميعًا بصدمة قوية، وخيبة أمل، في إيجاد حلول ناجعة، لمنع تكرار الحوادث المرورية المروعة، أو الحد من النزيف المستمر على الطرق!
كيف يمكن أن نصف شعورنا، خلال متابعة الأرقام والبيانات الرسمية التي كشفت عنها وزارة الداخلية، بشأن حوادث المرور خلال 8 أشهر فقط، والتي أسفرت عن 9 آلاف حادث، نجم عنها مصرع 4079 شخصًا وإصابة أكثر من 15 ألفًا، وتحرير ما يقرب من مليون مخالفة، وضبط 25% من سائقي المركبات يتعاطون المخدرات؟!
وعندما يؤكد رئيس الوزراء أن مصر أصبحت تعاني من إرهاب جديد، هو "الإهمال"، فإن ذلك مؤشر خطير ودلالة واضحة على أن الحوادث المرورية أصبحت تتساوى مع جرائم الإرهاب تمامًا، وأن الإهمال بات طريقًا للموت المجاني!
إن المسكنات التي تنتهجها الجهات المعنية بالطرق والمرور، لم تقدم حلولًا واقعية، لأزمة مستحكمة تتوالى فصولها ساعة بعد أخرى، ولم تعد تجدي نفعًا مع وجود شوارع متهالكة ووسائل نقل غير آدمية، وثقافة مرورية غائبة، وإهمال طال أمده، وفساد استشرى في أهم القطاعات الحيوية التي تتلامس مع حياتنا بشكل يومي!
ما فقدناه ونفقده على الطرق من قتلى ومصابين، أضعاف ما فقدناه في الحروب ومعارك الإرهاب الأسود التي نتعرض لها، حيث لا يكاد يمر صباح أو مساء، إلا ونحن بانتظار سماع أخبار مفجعة، تتعلق بحوادث دامية على الطرق، تعتصر القلوب ألمًا لمشاهدتها، والحزن المخيم على ذوي الضحايا!
الحقيقة المؤكدة أن مصر تحتل أعلى النسب في حوادث الطرق على مستوى العالم، وهذا بحد ذاته أحد أهم الأسباب الطاردة للاستثمار، ورغم ذلك نجد إهمالًا متزايدًا من الحكومات المتعاقبة على إيجاد حلول عملية وواقعية لعلاج هذه الكارثة التي تتفاقم يومًا بعد يوم!
آن الآوان أن تهتم الحكومة بأرواح المصريين التي تذهب هدرًا نتيجة الإهمال والتقصير، وأن يتصدر ملف حوداث الطرق، جدول أعمال مجلس الوزراء، لاتخاذ إجراءات على الأرض لمواجهة فوضى الطرق والحد من الحوادث، لأن ما وقع خلال الأسابيع والأيام القليلة الماضية، يجعل من الواجب وقف هذه المهازل التي تحدث على الطرقات، لأن أرواح الناس ليست رخيصة!
إن الحوادث المرورية المؤلمة خلال الشهرين الماضيين، أسفرت عن أكثر من مائتي قتيل، وأعداد لا حصر لها من المصابين، كان أبرزها مصرع وإصابة 45 شخصًا في حادث الطريق الصحراوي بأسوان، بين قريتي "الكربالة وفارس"، وحادث "الكوامل"، الذي أسفر عن مصرع وإصابة 22 طالبة، أثناء عودتهن من جامعة سوهاج الجديدة، وأخيرًا مأساة تفحم جثث 18 من أبنائنا الطلبة في حادث "البحيرة" الدامي!
نحن على يقين من أن توفير مناخ آمن للاستثمار، يبدأ بالتعامل الجاد مع أزمة المرور والطرق، من خلال تبنِّي ثورة شاملة، واستراتيجية مختلفة، وحلولًا عملية وواقعية، وأفكارًا ورؤىً مبتكرة، لتوفير السلامة على الطرق والحد من حوادث السير، والحفاظ على الأرواح والممتلكات.