السوق العربية المشتركة | عندما يجتمع الأصدقاء

عندما يجتمع الأصدقاء حول مائدة الطعام فهذا يعني عربونا للصداقة وتعبيرا عن المحبة بينهم فقد لمسنا ذلك في أي

السوق العربية المشتركة

الأحد 24 نوفمبر 2024 - 23:47
رئيس مجلس الإدارة
أمانى الموجى
رئيس التحرير
أشرف أبوطالب
عندما يجتمع الأصدقاء

عندما يجتمع الأصدقاء

عندما يجتمع الأصدقاء حول مائدة الطعام، فهذا يعني عربونًا للصداقة وتعبيرًا عن المحبة بينهم، فقد لمسنا ذلك في أيام الشهر الفضيل عندما جاءت المبادرات الطيبة من الأصدقاء للتجمع في مكان ما تأكيدًا على تقليد متبع لجأوا إليه سنويًا في مثل هذه المناسبة، وحقيقة لمسنا ذلك من أكثر من جهة في شهر رمضان الكريم على مأدبة الإفطار، وهل هناك فرصة أعز من إفطار صائم في شهر الخير والبركات، وبالفعل فإن العيش والملح كما يقال يربط الناس بعضهم بعضًا ويعيشون أجمل لحظات العمر، فقد كان لقاء الزملاء في العمل على مأدبة الإفطار فيه أكثر من معنى ومغزى، كذلك عندما يجتمع الإعلاميون الذين تربطهم علاقات مهنة إبداعية إذاعية أو تليفزيونية أو صحفية، فيكون اللقاء حميميًا في شهر عرف بالاستعدادات الإعلامية والجهود المبذولة من أجل تقريب الناس من بعضهم بعضًا. 



طافت بي الذكرى وأنا أشهد هذا العام مثل هذه المناسبات بداية عملنا في تليفزيون البحرين الوليد، الذي جمعتنا ظروف العمل أن نكون في الوظيفة أوقات الفطور في رمضان، فكان كل واحد منا يأتي من منزله بإفطار فنتحلق حول المائدة المعدة من كل بيت ويتم تناول الفطور إلى أن اتخذت إدارة التليفزيون مبادرة بالاتفاق مع أحد المطاعم بالمنامة لإحضار الفطور كل يوم إلى مبنى التليفزيون القديم.. وهذه المهن بطبيعة الحال نرى شبيهًا لها في الكثير من الوظائف والمهن الذين يضطرون العاملون فيها الإفطار خارج المنزل مع العائلة ويلجؤون إلى التعاون فيما بينهم لإحضار الفطور المناسب وهذا في حد ذاته يضيف الكثير من معاني التعاون والبذل والعطاء، وميزة الإفطار في رمضان إنه يقرب أفراد الأسرة ويجتمعون لما فيه الخير والبركة، وجرت العادة في بلادنا البحرين أن تكون الدعوة للغبقة أو السحور؛ لأن في الليل متسع من الوقت للحديث وتبادل الرأي في عدة شئون ومن بينها شؤون اجتماعية وعلاقات ثقافية، وتبادل للرأي والمشورة. 

أما في بلدنا الشقيق جمهورية مصر العربية فإن التقليد هو الدعوة للفطور في الغالب من أجل نيل بركة إفطار صائم وإن كان البعض يأخذ بتقليد الدعوة للسحور، وعلى أية حال فالدعوة للفطور أو السحور فيها من المعاني والقيم الشيء الكثير، والمرء منا يسعد بأن يلتقي بمن يحبهم ويتبادل معهم أطراف الحديث وشؤون الحياة العامة. وقد حبانا الله بنعمة شكر الزاد، واعتبار العيش والملح رابطة لها قيمتها المعنوية وهي تزيد في لُحمة وتعاون وتكاتف الأصدقاء والمعارف... 

ما أحوجنا في هذا الزمن الصعب إلى التكاتف والتعاون والإيثار، وكلما سنحت لنا الفرصة للالتقاء فإن ذلك يزيد من تعارفنا ويساهم في تدعيم الروابط الإنسانية التي تجمعنا، ولعلنا في هذا الزمن نستطيع أن نسجل بالصوت والصورة هذه اللحظات المفرحة والتي ننقلها إلى أسرنا لكي يأخذوا منها العبرة والحكمة. 

في زمن مضى كنت والزميل المرحوم أحمد بن سعيد بن عبداللطيف الودعاني الدوسري مثواه الجنة ورضوان النعيم في المنطقة الشرقية للعمل في العطلة الصيفية بميناء الملك عبدالعزيز، وكنا قد تعرفنا على زملاء في العمل يسكنون في أحد المنازل المؤجرة في الدمام بفريج الدواسر، وكنا أحيانًا تجمعنا رغم اختلاف الوظائف مأدبة عشاء أو غداء وكان على الجميع التعاون من أجل تحضير الطعام في المنزل الذي نسكنه بالإيجار والحمد لله أن بعض الزملاء كان يملك موهبة الطبخ وإعداد أنواع شتى من الطعام، ومن لا يملك هذه الموهبة عليه أن يساعد في التنظيف والتحضير وحتى أبسط الأمور، المهم المشاركة في تحضير الطعام والإسهام أيضًا بتكاليف شراء مستلزمات الطبخ وكان الشعور بين الزملاء كبيرًا، فالكل قد ساهم بما يستطيع، وعندما ذهبنا إلى جامعة الكويت في العام 1968م كان سكننا في ثانوية الشويخ وكانت الجامعة ممثلة عن حكومة دولة الكويت الشقيقة، قد وفرت لنا الوجبات في مطعم ثانوية الشويخ وكانت تقدم لنا ثلاث وجبات؛ بالإضافة إلى إفطار وسحور رمضان، لكننا في بعض الأحيان نتعاون مع بعضنا كطلبة بحرينيين وإماراتيين وعُمانيين ومن بعض الدول العربية نتعاون في إعداد وجبة من صُنع طلبتنا الذين يجيدون الطبيخ فكان هذا الصنيع يضيف بُعدًا ومعنى لزملاء الدراسة، بعضنا استطاع أن يكتسب خبرة إعداد الطبخ وبعضنا وأنا واحد منهم لا أجيد إلا المساعدة والتحضير ولم اجتهد في معرفة الطبخ لأن الطبيخ هو أيضًا موهبة واستعداد فطري، ومع مُضي الأيام أدركت أهمية أن يتعلم الإنسان كيف يُعد الطعام ويطبخ ويعتاد على المطبخ لكي لا يكون ذلك عقبة في المقبل من حياته. 

ستظل المعرفة بالشيء وربما التمعن فيها أفضل من الجهل بها كلية، فظروف الحياة متعددة، والطبيخ يحتاج إلى رغبة صادقة وهناك من الرجال من نعرف عنهم قدرتهم الفذة على إجادة الطبيخ بأنواعه، فقد حباهم الله بموهبة الطبيخ، وكان عندهم الاستعداد للتعلم ربما من البيت أو بمعاشرة من يجيدون الطبخ أيام الدراسة أو الأعمال خارج الوطن. 

نحن في أيامنا الحاضرة أصبحنا أكثر اهتمامًا بالطلبات الخارجية ووجدنا الأبناء يفضلون في كثير من الأحيان طلبات الأكل من الخارج وأنهم يجدون في ذلك تنوعًا وباتت المطاعم في بلادنا تقدم أشهى المأكولات وأنواعها ومصادرها. 

ستظل حاجة المرء لعمل يديه فيها منفعة وبريقًا وميزة، نحتاج فقط إلى الإرادة والاستعداد للتعاون مع الزملاء لأن تكون موائدنا من صنعنا والنفس الذي يجمعنا. 

وعلى الخير والمحبة نلتقي.