العميد محمد نبيل
ثقافة الاصطفاف المعنى والدلالة
ربما كان الحال يشى بفكرة عبقرية ( اننا نريد ان نتشارك النصر مع من صنعوا النصر) وهذه الفكرة قد صاغها الرئيس السيسى فى احتفال القوات المسلحة ومصر بذكرى نصر اكتوبر التاسع والاربعين من عمر النصر عندما ارسل رسالة للمصريين ان يحتذوا به وطالب من رجال المجموعة ٣٩ قتال ان يقف بجوارهم ومعه قادة الجيش المصرى وقال: حتى نشارك جيل اكتوبر نصر مصر, وهى بلاشك رسالة من وطن على قلب رجل واحد كبيره وشبابه واطفاله، هى رسالة للعالم البعيد والقريب, لتعلن ان مصر تجيد صنع النصر وتحفظه جيلا يليه آخر,
اتضح هذا المعنى بجلاء يوم السادس والعشرين من فبراير عندما أصطف المصريون قبل اصطفاف معداتهم بهدف البناء, ورغم انه اصطفاف قد تأخر لعقود مضت الا انه من ذات المعنى " ان ما لا يدرك كله لا يترك كله" , وتحتم مقتضى الحال علينا جميعا أن نصطف, ولاننا مبشرون بالاصطفاف والرباط الى يوم الدين, ولاننا مبشرون بمباركة شعبنا منذ الميلاد, ولالننا نتذكر ذات اليوم السادس والعشرين لكن من شهر يوليو لعام 2012 عندما اصطف المصريون خلف قواتهم المسلحة لنصرة الوجود المصرى الذى كاد ان يتلاشى فى مهب ريح مرتدة كانت تصرصر بسخافات من قبيل " ان الوطن حفنة من تراب عفن" , وفى 2018 كان اصطفاف الحرب لاحدى تشكيلات القوات المسلحة مع اعلان العملية الشاملة لمواجهة الارهاب والقضاء عليه ليس نيابة عن الإقليم أو المحيط العربى عقب ريح الربيع العربى (!) بل دفاعا عن الانسانية كما اعتادت مصر وأهلها وجيشها أن يتصدوا لغزاة الانسانية من المغول والتتار والحملات الصليبية المخادعة, ومع بداية العقد الفائت تصدت مصر لفكر متطرف يعود بالانسانية لعصر الانسان الاول واحكام قانون الغاب, وما اشبه الليلة بالبارحة, اصطف المصريون خلف شرطتهم وجيشهم وانتصورا, وأعلن الرئيس المنتصر انتصار الوطن وخلوده , وقرب الاحتفال بالنصر من سيناء, واليوم يعلن الرئيس المنتصر مع شعبه استمرار معارك التنمية (المستدامة) بسيناء, التى تحدث عنها – سابقا- الكثيرون بضرورة تنمية سيناء وافرد الجميع الاهمية الاستراتيجية فى تنمية سيناء, ولكنها كانت أحاديث من هواء وكلمات من حبر, لم تتجاوز المشروعات التنموية كونها أفكار من ورق, ولازالت هذه الافكار تحلق فوق الرؤوس تروح وتجيىء مع المناسابات السعيدة والتعيسة, حتى اصطفت الارادة السياسية مع الارادة الشعبية, وهنا كانت الدلالة العظمى, فكما ان النصر لا يصنعه الا بنى أرضه, هكذا البناء لا يؤسس بنيانه ويعليه سوى سواعد بنى أرضه, تماما كما حفر الاجداد قناة السويس وزادها الابناء بسواعدهم واموالهم وارادتهم, وهكذا المعنى يكون : " لن يفلح البنيان ويطاول عنان السماء الا بأيادى الجميع".
اصطفاف المصريين يعنى وحدتهم , ولم يكتب التاريخ عن خسارة أمة توحدت على قلب رجل واحد,
اصطفاف المصريين له من الدلالة بإيمان المصريين بسيناء التى دافعت عن الجميع وكانت حائط الصد الاول فى الزوذ عن الوطن أرضا وشعبا, وله من الدلالة التى تتضمن ممارسة حقوق الملكية لكل اسرة مصرية حازت صك ملكيتها لسيناء من خلال شهادة من الوطن عن شهيد هذه الاسرة, ومن خلال صورة للبطل مع رفقاء السلاح على الجبهة (التى هى دائما سيناء), ومن خلال الاوفورول المخضب بدماء الشهيد فى خزانة الام والزوجة والابنة والاخت, ومن خلال حكاوى الجدة عن فارس سيناء وعن الثأر, وعن العرض, هذا العرض الذى كان عند المرأة المصرية – وحدها دون غيرها من نساء الكون- هو كرامة أرضها وحرية رايتها فى وجدان الإبن والابنة, وليست غير المصرية التى أطلقت اسم العرض إلا على سيناء الأرض, فباتت فى حكايات الليالى وأحلام المساء هى سيناء وحدها شرف المصريين, وأصبحت سيناء الحرة مهرا للفتيات المصريات, حتى أن امير الشهداء تقدم لخطبة احدى بنات النيل وعرض عليها ان تقبل بان تكون ارملة على أقصى تقدير بعد عشرة أعوام , لانه مشروع شهيد لسيناء وواففت على الفور الفتاة ولم تكن تعلم انها ستقدم لسيناء اخيها ثم عريسها الشهيد ابراهيم الرفاعى, والحكاوى الكثيرة كثيرة على مهور الشريفات, اللائى طلبن حفنة من تراب سيناء كما هى خطيبة محمد افندى اللى رفع العلم (البطل محمد العباسى) أول مجند رفع العلم فى الموجة الاولى من العبور, ونعود ونكرر الحكاوى الان للمنسى وهارون والدبابة وابانوب والماسة وغنيم وناجى وانور وغيرهم احبوا سيناء وآمنوا بها حتى كان رجائهم الوحيد والاوحد من امهاتم هو ان تدعين لهم بان تحتضنهم سيناء فى ترابها المقدس وترتقى أرواحهم إلى معراج سماء سيناء.
أية ثقافة تلك التى تتناقل مع جين الوراثة لدى المصريين فى حب سيناء وأهلها وترابها, واى تراب هذا الذى تصطف اليه القوب فبل الابدان وبعدهم الاسلحة ثم معدات البناء, أخيرا حق لنا ان تنغنى جميعا (وصباح الخير يا سيناء..).