
محمود زاهر
عودة الثقة المفقودة
تحسن الاقتصاد لأى دولة، مرهون بالوضع السياسى والأمنى، وكسب ثقة العالم والمستثمرين، وجذب رجال الأعمال لإقامة مشاريع ضخمة، واتخاذ خطوات ضرورية لإصلاح البنية التشريعية الاقتصادية.
باعتقادنا، تمتلك مصر ميزات تنافسية كبيرة، تؤهلها أن تكون ضمن أكبر الدول المستقبلة للاستثمارات الخارجية فى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ولكن ذلك يتطلب القيام بإجراءات على طريق الإصلاح، من خلال العمل على إعادة الثقة بالاقتصاد الذى عصفت به اضطرابات سياسية أثرت سلبًا على الاستثمار والسياحة لمدة أربع سنوات.
ولعل الإجراءات التى قامت بها الحكومة، خلال الفترة الماضية؛ وإن كانت غير كافية؛ إلا أنها انعكست إيجابيًا، على تقارير أهم المؤسسات الدولية، كان آخرها تقرير مؤسسة "موديز" العالمية، الذى صدر قبل أيام، حيث رفعت الرؤية المستقبلية للائتمان فى مصر من "سلبى" إلى "مستقر"، بعد أن لاحظت وجود إشارات على تحسن المناخ الاقتصادى العام.
التقرير الأخير، يؤثر بشكل كبير على رؤية العالم ونظرته لمصر، وشهادة على قدرة اقتصادها على التعافى والنمو، بعد فترة سلبية أعقبت ثورة يناير، لأنه اعتمد على مؤشرات كانت وراء تغيير النظرة السلبية السابقة، من أهمها استقرار الأوضاع السياسية والأمنية بشكل كبير.
الخطوة الدولية المهمة، سبقتها بعض المؤشرات التى أعلنت عنها وزارة التخطيط أخيرًا، بارتفاع نمو إجمالى الناتج المحلى بنسبة 3.7% وفقًا للتقديرات السنوية فى الربع الأخير من العام المالى الحالى، ولذلك نعتقد بأن تلك المؤشرات وغيرها، خطوة مبشرة للوضع الاقتصادى، الذى يتوقع له الخبراء أن يحقق معدل نمو يصل إلى 4.1% خلال العام القادم.
إننا ننتظر طفرة إيجابية ونقلة نوعية تنعكس على الاقتصاد فى مصر، ولكن ذلك يتوقف على الحهد الذى سوف تبذله الحكومة خلال المرحلة المقبلة لتحسين وتعجيل قوانين الاستثمار، وحل مشاكل المستثمرين المتعثرين، وعلاج مشكلة الطاقة، وغيرها من الإجراءات التى من شأنها أن تسهم فى تحسين الاقتصاد.
إن التحسن التدريجى فى الأوضاع الداخلية، خاصة الأمنية سينعكس إيجابيًا بكل تأكيد على تغيير النظرة العالمية للاقتصاد المصرى، ولذلك فإن اتخاذ إجراءات حقيقية لتشجيع الاستثمارات الوطنية واستقرار الوضع السياسى، سيكون أساسًا جيدًا لبناء اقتصاد قوى وتحسن فعلى للمؤشرات الاقتصادية.
صحيح أن كافة المؤشرات تشير إلى تحسن كبير فى مختلف مجالات الاقتصاد، وأنه يسير على الطريق الصحيح نحو استعادة ثقة العالم الخارجى والمستثمرين، ولكن الأمر يتطلب جهدًا مضاعفًا لجذب المزيد من الاستثمارات الخارجية ودفع عجلة النمو وتوفير المزيد من فرص العمل.
برأينا، يجب أن تبدأ الحكومة، على الفور، خطة إصلاح شاملة، من خلال إصلاح هيكلة الموازنة العامة للدولة الخاصة بالدعم والضرائب، ودراسة تقييم وتهيئة مناخ الاستثمار والقوانين المرتبطة به، وأن يكون التخطيط وفقًا لخطة طويلة الأمد تستهدف أن تكون مصر فى العام 2020 أحد الاقتصاديات العشرين الأكبر فى العالم.