السوق العربية المشتركة | ( 6- سلـوك بنـك تدمـير التنمـية الزراعيـة)

السوق العربية المشتركة

الخميس 14 أغسطس 2025 - 03:32
رئيس مجلس الإدارة
أمانى الموجى
نائب رئيس مجلس الإدارة
م. حاتم الجوهري
( 6- سلـوك بنـك تدمـير التنمـية الزراعيـة)

( 6- سلـوك بنـك تدمـير التنمـية الزراعيـة)

إذا انتهينا من وضع خطط تنمية زراعية شاملة وبدأنا فى تنفيذها تعين إصلاح كافة الوسائل المساعدة لإنجاح هذه التنمية.



وكانت الدولة فى وقت مبكر قد أقدمت على إنشاء بنك التنمية والائتمان الزراعى وصحة اسمه (بنك تدمير التنمية الزراعية) للمساعدة فى عمليات التنمية الزراعية، حيث يقوم بعدة أعمال أهمها اقراض الفلاحين لمساعدتهم فى عمليات الزراعة والإنتاج. ونظراً لأن هذا البنك نشأ بفكر مصرفى تقليدى وليس بفكر تنموى فشل فى أداء مهمته فشلاًَ زريعاً، فقد نشأ بهدف تحقيق الربح وحقق ذلك حيث يتعامل بأبشع صور الفائدة المحرمة شرعاً، فالفلاح الذى يقترض من ذلك البنك إنما يقترض لغرض مساعدته فى زراعته وتلك حاجه ضرورية تقترب كثيراً من القرض الاستهلاكى الذى تُحرم الفائدة عليه وإن جاز تقاضى مصاريف إدارية عنه لتغطى أجور موظفى البنك وأجور مقاره وأدوات عمله، ولئن كانت الفائدة على القروض الزراعية حالياً تتراوح بين 6٪ و 8٪، إلا أنها نسبة عالية تفوق تكلفة المصاريف الإدارية للبنك فى حين لا يجب أن تزيد المصاريف الإدارية للقرض الزراعى على 2 3٪ فقط، فإن زادت على ذلك كان هذا دليلاً على فشل سياسة البنك كبنك متخصص فى التنمية الزراعية وليس بنكاً تجارياً، ومقدار الفائدة التى يتقاضاها ذلك البنك من الفلاحين مرهق لهم ومعوق لعمليات التنمية الزراعية. والأهم والأخطر فى أداء (بنك تدمير التنمية الزراعية) أن كافة العاملين به لا يطبقون أصول وقواعد التمويل الصحيحة وكل هدفهم الحصول على أكبر قدر من الربح للبنك، فالأصل الهام المعلوم لدى كافة العاملين فى التمويل بالبنوك أن التمويل يجب هى أن يستخدم فى الغرض الممنوح من أجله، وهذه القاعدة لها ضوابط فى استخدام التمويل، ويعلم المتخصصون فى التمويل أن استخدام القرض فى غير الغرض الممنوح من أجله يترتب عليه لا محالة وفى معظم الأحوال عدم رد التمويل. ولذا توجد قاعدة فى عمليات التمويل هى أنه يتم داخل النطاق الجغرافى للبنك الممول حتى يتمكن العاملون بـه من مراقبة استخدام التمويل فى الغرض الممنوح من أجله.

ولو راجعنا القروض الممنوحة من أحد فروع (بنك تدمير التنمية الزراعية) كفرع البنك فى قرية الجزاير بمركز بلقاس سنجد أن أكثر من 80٪ منها تم استخدامها فى غير الغرض الممنوحة من أجله، فالفلاح يقترض من ذلك البنك بحجة توفير وسائل الإنتاج الزراعى أو شراء مواشى لتربيتها، ويستخدام القرض فى بناء مسكنه وفى زواج ابنه وابنته وغير ذلك، وهذا كله يتم تحت بصر وبعلم من العاملين فى بنك القرية ومعظمهم من نفس قرية الفلاح المقترض أو من قرية مجـاورة لـه، فأصبح البنك مسمى على غير اسمه.

وكارثة الكوارث التى يقوم بها (بنك تدمير التنمية الزراعية) هو ربا النسيئة الذى يمارسه البنك فى علاقته مع الفلاحين المقترضين، وهذا النوع من الربا أجمع كافة فقهاء الشريعة الإسلامية على تحريمه وفى حرمته حديث نبوى شريف صريح وقاطع، وربــا النسيئة معروف بأنه منح الأجل مقابل زيادة الدين. والمرابى الكبير (بنك تدمير التنمية الزراعية) مارس ويمارس ربا النسيئة مع السواد الأعظم من الفلاحين المقترضين إن لم يكن مع جميعهم، فالقرض الذى يمنحه البنك للفلاح المقترض لغرض مساعدته فى عمليات التنمية الزراعية والذى لا يستخدم عادة فى الغرض الممنوح من أجله، لا يتمكن الفلاح المقترض من سدادة فى الموعد المتفق عليه وهو عام على الأكثر من تاريخ منح القرض بسبب كبر حجم الفوائد، فيلجأ البنك إلى تجديد القرض بفائدة أخرى لعام آخر فيزداد الدين على الفلاح ويعجز عن سداد القرض أو جزء كبير منه فى العام الثانى، فيكرر البنك فعلته عدة سنوات فيزداد الدين، وما يحدث فى البنك عملاً أن موظفيه يجددون القرض قبل نهاية السنة المالية بفائدة، ثم يستدعون الفلاح الذى غالباً لا يقرأ ولا يكتب ليوقع أوراق تجديد القرض، ويستمر الفرح مديناً للبنك المرابى عدة سنوات مع استمرار تزايد دينه عاما بعد عام بسبب زيادة الفوائد الربوية، ويحصل البنك دائماً من الفلاح المقترض على شيكات أو إيصالات أمانة يقوم بمقاضاته بها، وهذا واضح من العديد من الأحكام الجنائية الصادرة ضد الكثير من الفلاحين المقترضين وعددهم حوالى 300 ألف فلاح وديونهم تصل إلى 4 مليارات جنيه تقريباً، فضلاً عن التوكيل غير القابل للالغاء الذى يحرره الفلاح المقترض للبنك للبيع للنفس والغير لأرض الفلاح، ويقولون إن كل ذلك ضمان للدين. يا جهلاء التمويل فى بنك تدمير التنمية الزراعية، الضمان الاول والأهم للقرض هو الجدارة الائتمانية، والضمان الثانى هو متابعة البنك لاستخدام القرض فى الغرض الممنوح من أجله. وما لا يعلمه هذا البنك المرابى أن الفوائد المركبة غير جائزة قانوناً وقد استقر قضاء محكمة النقض على استبعادها، ولذا يستطيع الفلاحين المتعثرين بسبب تلك الفوائد المركبة مقاضاة البنك والحصول على أحكام قضائية باستبعادها، ويستطيع الخبير المنتدب فى الدعوى أن يكشف زيف أوراق البنك المتمثلة فى عمل قرض جديد كل عام بفوائد مركبة وفوائد لاحقة على القرض الجديد.

إن الإحساس بالظلم الواقع على الفلاحين وضرورة الحد منه هو الذى دفع معالى النائب العام لإصدار كتاب دورى لأعضاء النيابة العامة للتيسير على الفلاحين المتعثرين فى سداد مديونياتهم للبنك بإرجاء التصرف فى المحاضر المحررة من البنك ضدهم عن جريمتى إصدار شيك بدون رصيد وخيانة الأمانة وطلب تأجيل نظر الدعاوى المرفوعة عن الجريمتين والإرجاء والوقف المؤقت لتنفيذ الأحكام الخاصة بها، إن قرار معالى النائب العام دليل على فشل سياسة هذا البنك.

وأكبر معوق للتنمية الزراعية بيع البنك جزءا من الكيماوى الذى يحتاجه الفلاح لزراعته بالسعر الرسمى وتركه يشترى باقى احتياجاته من السوق السوداء بضعف الثمن، فشيكارة النترات إنتاج أبو قير يبعها البنك للفلاح بسعر (71) جنيها، ويضطر الفلاح لشراء باقى احتياجاته من النترات بسعر (143) جنيها للشيكارة الواحدة.

ومؤخراً أعلن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء أن إجمالى القروض الاستثمارية القصيرة والمتوسطـة الأجل الممنوحة للمزراعين انخفض بنحو 11.2٪ حيث بلغت قيمتهــا 7.2 مليـار جنية عـام 2012م / 2013م مقابل 8.2 مليار جنيه عام 2011م / 2012م، وانخفض إجمالى القروض قصيرة الأجـل الممنوحـة للمزراعـين عــام 2012م / 2013م ليصـل إلـى 5 مليارات جنيه بعد أن كان عام 2011م/2012م 5.4 مليارات جنيه، وانخفض إجمالى القروض المتوسطة إلى 2 مليار جنيه عام 2012م/2013م بعد أن كان 2.6 مليار جنيه عام 2011م/2012م، وهذا الانخفاض دليل على عدم سلامة السياسة الائتمانية لبنك تدمير التنمية الزراعية.

يا أيها الجهلاء فى التمويل اعلموا أن من أهم مبادئه أن يتم سداد التمويل خلال مدة محددة من عائد المشروع الممول وهى بالنسبة للقروض الزراعية تكون عاما واحدا على أقصى تقدير، وإذا رجعنا إلى ديون الفلاحين نجد أنها مستمرة لعدة سنوات بفعل سلوك البنك الخاطئ فى التمويل. ولن نتحدث عن الفساد فى عمليات بيع وتوزيع وسائل الإنتاج مثل الأسمدة، فالحديث عنها يطول والبنك يعلم عن هذا الفساد ولديه العديد من القضايا فيها. واسألوا عـم إبراهيم وغيره من الفلاحين عن مقدار ما اقترضوه وما سدوده والباقى عليهم للبنك، وسوف تذهلون، لأن مقدار الفوائد تضاعف عن مقدار القرض عـدة مـرات. وإذا حسبنا الأرباح التى تقاضاها (بنك تدمير التنمية الزراعية) خلال العشرين سنة الماضية، سنجد أن خسارة مصر فى عمليات التنمية الزراعية أضعاف تلك الأرباح.

إذا أردنا المساعدة فى عمليات التنمية الزراعية فيجب أن يتم تغيير فلسفة وسياسة هذا البنك وتغيير مبادئه ومسئولية التنفيذيين لضمان مساعدة حقيقية وفعالة فى عمليات التنمية الزراعية، فاستمرار البنك فى تنفيذ سياسته الحالية يجعل منه بنكاً لتدمير التنمية الزراعية لا بنكاً لتنميتها. ولذا أطالب السيد/ رئيس الجمهورية بالمبادرة إلى إصدار قرار بإقصاء مجلس إدارة بنك تدمير التنمية الزراعية المسمى (بنك التنمية والائتمان الزراعى)، وتعيين مفوض عام للبنك تكون مهماته تغيير فلسفة وسياسة البنك ليكون بنكاً تنموياً لا يهدف لتحقيق الربح ويتقاضى فقط عن عملة مصاريفه الإدارية بحدود 3% فقط من تمويله، وحل مشكلات الفلاحين المتعثرين، وتوفير الأسمدة والكيماويات والمبيدات والمستلزمات الزراعية للفلاحين بأسعار مناسبة.