السوق العربية المشتركة | العالم المصرى الدكتور يسرى أبو شادى فى حوار خاص لـ «السوق العربية المشتركة»:

السوق العربية المشتركة

الثلاثاء 12 نوفمبر 2024 - 04:44
رئيس مجلس الإدارة
أمانى الموجى
رئيس التحرير
أشرف أبوطالب

العالم المصرى الدكتور يسرى أبو شادى فى حوار خاص لـ «السوق العربية المشتركة»:

د. يسرى أبوشادى يتحدث للسوق العربية
د. يسرى أبوشادى يتحدث للسوق العربية

سلمت المهندس إبراهيم محلب رسالة خاصة للرئيس السيسى عن مستقبل الطاقة النووية فى مصر وما تحتاجه



تظل مصر دائما النبع الصافى للعلم والتقدم رغم ما يمر بها من محن وما ينصب لها من مكائد، كانت مصر ومازالت مهد العلماء والبيئة الخصبة التى تٌنجب هؤلاء الافذاذ، ودائما ما تصدر مصر للعالم كله علماءها ومفكريها وأبناءها الاوفياء ليحملوا شعلة العلم والتقدم فى العالم كله، بل ويتفوقون على ما عداهم من أبناء البلدان التى يسافرون اليها، السوق العربية اختارت واحدا من هؤلاء واحدا من ابناء مصر المخلصين ليفتح لها قلبه وعقله ويضع روشتة عاجلة لأزمات الطاقة فى مصر ومقترحاته لها وكيفية التغلب عليها، أنه العالم المصرى الدكتور يسرى أبو شادى كبير مفتشى الوكالة الدولية للطاقة الذرية الأسبق، الحاصل على الدكتوراه فى الهندسة النووية وتصميم المفاعلات الذرية من جامعة الإسكندرية وفرنسا، له عشرات الأبحاث والمنشورات العلمية والمراجع وعدد من الكتب والمقالات، وضع العديد من البرامج الحسابية المتقدمة والمستخدمة فى العديد من مراكز البحوث والشركات العالمية فى مجال تصميم وانشاء المفاعلات الذرية، حصل على جائزة الوكالة الدولية للامتياز فى العمل فى 2004 وجائزة جامعة الإسكندرية التشجيعية 1981ومنح وتقدير من عدد من المؤسسات ومراكز البحوث والجامعات والشركات فى أنحاء العالم.

مشكلة الكهرباء قديمة وليست مسئولية نظام معين لكنها نتجت عن تراكمات سنوات سابقة
فى البداية نود ان نعرف رأيكم فى تفاقم ازمة الكهرباء والسبب الحقيقى فى ذلك؟!

فى الحقيقة مشكلة الكهرباء هى مشكلة قديمة جدا من عشرات السنين وليست ابدا وليدة اليوم ولم تكن مسئولية نظام معين وانما هى ناتجة عن تراكمات تمتد الى عشرات السنين والتى لم ينتبه خلالها المسئولون الى خطورة هذه الازمة وامكانية تفاقمها بهذا الشكل وهو ما حدث فى الفترة الاخيرة واصبحت المشكلة امرا واقعا وتحتاج الى وقفة جادة من الجميع المواطنين والمسئولين، وأرى ان السبب الاهم والاخطر فى تفاقم ازمة انقطاع الكهرباء بهذا الشكل هو الاستراتيجية الخاطئة منذ سنوات فى الاعتماد على الغاز الطبيعى والمشتقات البترولية الاخرى بشكل شبه كامل وهو ما تنبهت اليه منذ سنوات وقدت بنفسى حملة للتحذير من نفاد كميات البترول والغاز والتى نعتمد عليها لتوليد الكهرباء بشكل كامل فالبترول والغاز مهما كانت مصر غنية بهم ستقل بشكل او بآخر هذه الكميات وربما تتلاشى ونضطر الى الاستيراد وهو ما يحدث الآن بالفعل وكنت اخشاه يومها، ولكن مر الامر دون اهتمام حتى اصبحنا امام الامر الواقع وأصبح البترول والغاز الذى نعتمد عليه بشكل كامل لتوليد الكهرباء فى تناقص مستمر فاثر ذلك بالطبع على توليد الكهرباء وعمل المحطات فتفاقمت الازمة وزادت الى هذا الحد الخطير، وان كانت مساعدت الاخوة الاشقاء قد ساهمت فى تخفيف حدة الازمة الى حد ما.

الى أى مد ساهمت ساعدت بعض الدول العربية فى التخفيف من حدة الازمه من وجهة نظرك؟!

لقد قام الاشقاء العرب بدور وطنى ومحورى هام وبالأخص خلال السنة الماضية فهم ساهموا بشكل كبير فى التخفيف من حدة الازمة الطاحنة التى مرت بها مصر فى نقص البترول والغاز والذى اثر على انتاج الكهرباء بشكل اكبر، فدولة الامارت العربية الشقيقة والمملكة العربية السعودية خصوصا قامت بدور محمود فى ارسال بعض المساعدات الى مصر للمساهمة فى حل الأزمة، لكن بالطبع لن نستطيع دائما الاعتماد على هذه المساعدات دائما وانما يجب أن نحاول ايجاد حلول اخرى تقضى على هذه الازمة التى تمر بها مصر، والاهم من ذلك ايضا أن نبحث عن الاسباب الاخرى التى ادت الى تفاقم الازمة ونحاول التغلب عليها.

هل هناك اسباب اخرى ساهمت فى تفاقم الازمة؟!

نعم هناك ايضا اسباب كثيرة ساهمت بشكل كبير فى تفاقم الازمة وادت الى انقطاع الكهرباء بشكل كبير ومن اهم هذه الاسباب هى العطل الفنى الذى لحق بكثيرا من محطات الكهرباء وتهالك معظم هذه المحطات نظرا لقلة الامكانيات المتاحة خصوصا فى صيانة هذه المحطات، بل والاخطر من ذلك هو الاخطاء الفنية فى بناء هذه المحطات من الاساس ما جعلها كثيرة الاعطال والتلف، وبالطبع هذا كله زاد فى تفاقم الازمة ووصولها لهذه المرحلة الحرجة والخطيرة والتى دعت الرئيس السيسى الخروج فى خطاب للمصريين للتحدث صراحة عن الازمة.

فى رأيك ما الخطوات الواجب اتخاذها فى الوقت الحالى لحل ازمة الكهرباء؟

بشكل عام يجب ان توجد خطة سريعة ومؤقتة لحل الازمة مؤقتا وبشكل خاص يجب استيراد الغاز على وجه السرعة وهو ما تفعله الحكومة خلال الفترة الحالية وبالاخص الاستيراد من الداخل اى من حصة الشريك الاجنبى لكن ما يجب ان نتنبه له ان الاستيراد يجب له من ترتيبات ومواعيد محددة وخطط مسبقة، ايضا التخفيف من حدة الكهرباء المسروقة والمفقود والتى تساهم فى تفاقم الازمة، ووضع تسعيرة محددة لشراء الكهرباء المولدة عن طريق الطاقة الشمسية او الرياح.

هل ترى ان خطاب الرئيس السيسى جاء فى الوقت المناسب؟!

بالطبع خطاب الرئيس السيسى للمصريين والذى تحدث فيه بكل صراحة عن ازمة الكهرباء وذكر فيه بكل شفافية ودقة لم نعهدها من قبل ارقاما حقيقية عن الازمة واسبابها والحلول المتاحة امامنا خلال الفترات القادمة، فالرئيس السيسى تكلم عن حاجتنا الى حوالى 1000 ميجا وات خلال السنين القادمة لتخطى الازمة والى حوالى مليار دولار تكلفة وهو ما يعبر حقيقة عن وعى الرئيس وشعوره بخطورة الازمة وتنبهه اليها وهو ما دعاه بشكل فورى وحاسم ان يخرج للمصريين فى خطاب اتسم بشفافية وصراحة مع الشعب غير معهودة ليطلعهم على كل جوانب الازمة وحقيقة خطورتها والامكانيات المتاحة لحلها والوقت الزمنى الذى تحتاجه للقضاء عليها خلال السنوات المقبلة وأرى ان ذلك خلق ثقافة جديدة تقوم على المصارحة والمكاشفة والتى تجعل من كل مواطن مسئولا أيضا ومشاركا بشكل فعال وكامل فى التعرف على ازمات وطنه والمشاركة ايضا فى حلها، مما يخلق حالة من المسئولية المجتمعية والاصطفاف الوطنى الذى تحتاجه مصر خلال الايام القادمة للعبور الى المستقبل المشرق الذى ينتظرها وعودتها الى مركز القيادة فى المنطقة والعالم كله والعودة الى مصاف الدول المتقدمة كما كانت من قبل، وأرى ان اهم ما تنبه اليه الرئيس السيسى هو حاجتنا الى البحث عن بدائل جديدة للطاقة والاتجاه وبقوة الى المصادر الاخرى للطاقة ومن اهمها الطاقه النووية.

هل الطاقة النووية كفيلة لحل ازمة الطاقة فى مصر؟!

بكل تأكيد الطاقة النووية هى الحل ربما يكون الامثل من وجهة نظرى لحل ازمة الطاقة الملحة التى تمر بها مصر خلال الفترة الحالية، فالطاقة النووية رخيصة جدا مقارنة بنظيراتها من المصادر الاخرى للطاقة وليس كما يشيع البعض عنها، فالمفاعل النووى الواحد يعمل حوالى 60 سنة بدون اى توقف الا فى اوقات محددة لتهدئة المحطات وبنفس الانتاجية خلال هذه السنين، يعنى المفاعل الواحد ينتج فى السنة حوالى 1400 ميجا وات وتظل هذه النسبة ثابتة خلال الستين سنة من عمر المفاعل، وتكلفة المحطة الواحدة حوالى خمسة مليارات دولار ويستغرق خمس سنوات، ولو قمنا بحسبة صغيرة سنجد أن الاعتماد على البترول والغاز يكلف أكثر من بناء مفاعل نووى والاعتماد عليه فى توليد الطاقة بحوالى 200 مليون دولار، اذا الطاقة النووية ارخص والاعتماد عليها اوفر لمصر وفوق كل هذا هى طاقة شبه ثابتة وتعمل لسنوات طويلة جدا بدون توقف، فيجب ان تتجه مصر الى المجال النووى السلمى لحل ازمة الطاقة سريعا بعد توقف لفترات طويلة.

ما الاسباب الحقيقية التى ادت الى تأخر مصر فى المجال النووى خلال السنوات الماضية؟

أهم هذه الاسباب والتى ادت الى تأخر مصر فى مجال الطاقة النووية هو الاهمال المتعمد لمشاريع مصر النووية منذ اكثر من 50 سنة وهو ما ادى الى تأخر مصر بهذا الشكل وكل ذلك يرجع الى ضغوط غربية وامريكية لمنع دخول مصر وباى شكل للمجال النووى لانه سيعطى مصر قوة استراتيجية رهيبة فى المنطقة ما يزعج اسرائيل وبالطبع ذلك يمثل بالنسبة لهم خطورة حقيقية من مصر، ولذلك ظلت مصر تتراجع خلال السنوات الماضية عن مشاريعها النووية واهمل تمام الحلم النووى المصرى بفعل فاعل، لكن اخيرا بدأت الامور تعود الى طبيعتها وبدأنا بعد تولى الرئيس السيسى العودة فى الاهتمام بمشروع مصر النووى القادم وهو مشروع الضبعة الذى يحمل الكثير من الخير لمصر.

ما آخر اخبار مشروع الضبعة النووى وهل سيبدأ العمل فى تنفيذ المشروع قريبا؟

نعم بفضل الله اخيرا قامت القوات المسلحة بتهيئة موقع الضبعة وتأهيله بشكل مناسب للبدء فى تنفيذ مشروع مصر النووى، فكلنا ثقة فى قواتنا المسلحة الجادة فى تحركها واتخذت خطوات جادة نحو المشروع النووى فقامت بتمهيد موقع الضبعة والانتهاء من البنية الأساسية وقامت بتسليمه الى هيئة الطاقة النووية والتى ستقوم قريبا بطرح مناقصات للقيام ببدء تنفيذ مشروع الضبعة النووى وهناك شركات روسية ستشارك فى بناء المفاعل وبالاخص بعد زيارة الرئيس السيسى الى روسيا التى قام بها خلال الفترة الماضية وابرم خلال الزيارة اتفاقات نووية مع الجانب الروسى والتى ستساهم بشكل كبير فى تقدم مصر بشكل أسرع فى المجال النووى ومجالاته السلمية المختلفة.

حضرتك ألقيت كلمة فى مؤتمر الطاقة الذى عقد فى مصر.. فما اهم ما جاء فيها؟

نعم لقد دعيت لمؤتمر الطاقة الذى عقد برعاية رئيس الوزراء المهندس ابراهيم محلب ووزيرى البترول والكهرباء وبالفعل قمت بإلقاء كلمة عن الحاجة الى الطاقة النووية فى المستقبل واجريت لهم مقارنة بين الطاقة النووية ومصادر الطاقة الاخرى وبينت اهمية الطاقة النووية وانها هى مستقبل الطاقة فى مصر خلال الفترة المقبلة، وشرحت وجهة نظرى فى حتمية استخدام الحل النووى واستحالة الاستغناء عنه، وايضا عقدت مقارنات بين مصر وبعض دول الشرق الاوسط والتى سيتحول كثيرا منها الى مناطق ذرية، ثم قمت بعد ذلك بلقاء الدكتور ابراهيم محلب رئيس مجلس الوزراء وتناقشت معه فى امور كثيرة وقمت باعطائه رسالة ليسلمها للرئيس السيسى.

هل يمكن ان تطلعنا على الرسالة التى قمت بتوجيهها للرئيس السيسى؟

أهم ما جاء فى رسالتى للرئيس السيسى بشأن مستقبل الطاقة النووية فى مصر وكيفية الاستفادة منها والحلول التى اقترحتها لعبور الازمة، وهى عبارة عن مجموعة قرارات يجب اتخاذها بشأن الاستفادة من الطاقة النووية السلمية لحل ازمة الكهرباء خلال الخمس سنوات المقبلة، واهمها البدء فى اتخاذ خطوات عملية لاقامة مشروع نووى مصرى، والتعاقد مع روسيا بالامر المباشر لاقامة محطة نووية فى منطقة الضبعة واستيراد وقود اليورانيوم من روسيا لاستخدامه فى المفاعلات ثم ارجاعه بعد ذلك لروسيا، وبالطبع يجب اختيار قيادات لهذا المشروع وخبرات مصرية ودعم العمالة الشابة فى التدريب والتعلم، واخيرا دعم مشروع الابحاث لتصميم وتشغيل المفاعلات الصغيرة بقدرات مصرية بالتعاون مع الخبرات الاجنبية.