أشرف كاره
حكومة – السيارات الكهربائية – المتينة "2"
منذ ما يزيد عن 15 شهـــراً ماضية قمت بنشر مقالى فى نفس الزاوية تحت عنوان " حكومة – السيارات الكهربائية – المتينة ؟!" ، ومستشهداً فيه بأن السوق المصرية للسيارات قد شهدت تعالياً بالأصوات الداعية لتصنيع السيارات والباصات الكهربائية فى مصر خلال الفترة المقبلة ، وهو ما سارعت وسائل الإعلام المختلفة لتناقله من الزيارات المكوكية المتبادلة بين بعض ممثلى الجهات الرسمية بالحكومة وشركات تصنيع صينية بهدف الإعداد لدراسات ومشروعات تصنيع السيارات والباصات الكهربائية محلياً بالفترة المقبلة ؟! وبالرغم من أهمية مثل هذه المشروعات الداعمة للبيئة النظيفة بالدرجة الأولى والتى لا ينكر أحد أهميتها على كافة المستويات، إلا أن التوجهات المتداولة بقوة وبمباركة من الحكومة المصرية لا زالت تفتقد لكثير من الحرفية البديهية فى هذا القطاع الهام من صناعة السيارات ، ودعونى أستعرض الرؤية (المنطقية) للرد على هذا السيل من الأخبار الذى يتم تناقله بدون أدنى فهم للبديهيات ... كما يلى:
أولاً - أتعجب من سعى الحكومة الحالية (وبسرعة) نحو فكرة الإستثمار بتصنيع السيارات والباصات الكهربائية ، ولم توضح حى الآن إسرايجيتها وخطتها الزمنية (الواضحة) فى الإستثمار بالبنية التحتية لها والتى يمكن أن تحقق من خلالها العديد من الأرباح (وخاصة أنها المالك الأول لمصدر الطاقة الكهربائية على أرض مصر) وتركت الأمر لبعض الشركات الخاصة للإستثمار فى هذا الأمر – حتى الآن - وعلى رأسها "إحدى الشركات" التى كشفت الأيام أن صاحبها قام بعملية نصب كبيرة على أحد البنوك المصرية وآخرين وهرب خارج البلاد ...
ثانياً- من المعروف أن هناك قرار حكومى سابق يقضى بإستيراد السيارات الكهربائية بدون جمارك ، فكيف سيكون تصنيعها إقتصادياً بالمقارنة بإستيرادها؟!
ثالثاً – من المعروف أيضاً أن إستهلاك ومبيعات السيارات الكهربائية بشكل عام محدود نسبياً على مستوى العالم – حتى الآن - وعليه فلن تتحقق ميزة الحجم الإقتصادى لتصنيع هذه السيارات محلياً (حتى ولو كان هناك خطة لتصديرها) فستكون كميات التصدير محدودة وغير إقتصادية.
رابعاً – إذا ما كانت المكونات الرئيسية للسيارات والباصات الكهربائية تعتمد بنسبتها الأكبر على "البطاريات" ، فكان من الأجدر أن يتم البدء فى إنشاء (صناعة مغذية) متخصصة لتصنيع بطاريات المركبات الكهربائية لرفع الجدوى الإقتصادية من التصنيع المحلى للسيارات والباصات الكهربائية فى مصر – بخلاف الإستثمار بالبنية التحتية بالطبع – وهو الأمر الذى حاولت أن تقوم به إحدى الشركات بالسوق المصرية ، إلا أنها قوبلت بكافة أنواع العراقيل والمعوقات الحكومية والتمويلية إلى أن توفى صاحبها ومات معه مشروعه ؟!.
خامساً – كثير من الأسماء الصناعية التى تسعى هذه الحكومة للتعاقد معها من الشركات الصينية بقطاع المركبات الكهربائية (لم) يشهد لها بالكفاءة – عالمياً – من قبل فى هذا القطاع ، فى حين أن المصنع العالمى الأول للباصات الكهربائية وهو (BYD) لم يتعد التعاون معه فى هذا المجال بمصر سوى من خلال الـ 15 باصاً فقط والتى تم تشغيلها بمحافظة الأسكندرية ... الأمر الذى يفرض بدوره عدة تساؤلات عن أسباب توجه الحكومة المصرية للتعاون مع مصنعيين صينيين ذوى تصنيف متدنى فى المركبات الكهربائية ؟ وعدم التعاون مع الأفضل !!
وأخيراً وليس آخراً ، إذا ما كانت الحكومة المصرية مهتمة حقاً بقطاع السيارات والباصات الكهربائية ، فإن الأجدر لها المسارعة ببناء شبكة كبيرة لمحطات الشحن (الحكومية) من منطلق أنها المورد الأول للطاقة الكهربائية ، وذلك بخلاف أهمية تقديمها دعم مادى مباشر أو غير مباشر لمشترى هذه السيارات ... سواء بأماكن إنتظار مجانية ، أو إعفاء من تكاليف الضرائب والتسجيل الحكومى ، علاوة على أية حوافز تشجيعية أخرى .. أسوة بالعديد من دول العالم التى سبقتنا (بفهم) فى هذا القطاع.... الأمر الذى سيشجع بقوة العديد من مصنعى (مجمعى) السيارات المحليين للتوجه نحو كهربة مركباتهم المجمعة محلياً.