السوق العربية المشتركة | الأنبا مكاريوس الأسقف العام بالمنيا: من حق الدولة أن تعمل ما تراه ضروريًا لأجل الصالح العام

التقيت الرئيس السيسى فى 2016 وحدثته عن هموم الأقباط وقال لى: أنا متفهم ومتابع وما تزعلوشلا نقبل أن تصبح الجل

السوق العربية المشتركة

السبت 20 أبريل 2024 - 04:32
رئيس مجلس الإدارة
أمانى الموجى
رئيس التحرير
أشرف أبوطالب

الأنبا مكاريوس الأسقف العام بالمنيا: من حق الدولة أن تعمل ما تراه ضروريًا لأجل الصالح العام

التقيت الرئيس السيسى فى 2016 وحدثته عن هموم الأقباط وقال لى: أنا متفهم ومتابع و«ما تزعلوش»



لا نقبل أن تصبح الجلسات العرفية بديلا للدولة ولكن نطالب بعودة جلسات النصح

أتمنى لشعب المنيا أن يجد من يهتم به ويستثمر موارده الطبيعية

عندما تحاور كاتبًا موهوبًا فالأمر ليس سهلًا، لقبه الكثيرون بعميد الأدب القبطى لغزارة انتاجه الادبى وما يزيد الأمر صعوبة انه رجل دين مرموق واسع الثقافة، كلفه قداسة البابا بالإشراف على المجلة الرسمية للكنيسة القبطية الارثوذكسية بمصر وهى مجلة «الكرازة»، انه الأنبا مكاريوس الأسقف العام بالمنيا، فى 2016 التقى السيد الرئيس وتحدث عن هموم الاقباط، أكد ان الكنيسة ترى أنه من حق الدولة أن تعمل ما تراه ضروريًا لأجل الصالح العام، وانه لا يقبل ان تصبح الجلسات العرفية كبديل للدولة ولكن يطالب بعودة جلسات النصح، ويشير إلى ان المنيا كان نصيبها من الخسائر والدمار عقب فض اعتصامى رابعة والنهضة نحو ٦٥% من الخسائر، ويؤكد ان الكنيسة تشجع الشعب على التصويت فى الانتخابات ولكنها تقف على مسافة واحدة من الجميع، والى تفاصيل الحوار.

■ بداية حدثنا عن المعرض الأول لبيع السلع الغذائية بسعر المصنع والذى قمت بافتتاحه مؤخرًا بدار المطرانية؟

- المعرض الأول لبيع السلع الغذائية بسعر المصنع اقيم بدار المطرانية لخدمة جميع أبناء المنيا، وكان يضم المعرض عشرات الأصناف من أنواع السلع الغذائية الضرورية التى تحتاجها الأسرة المنياوية وهدف المعرض هو دعم ومساندة الأسر المنياوية وللتخفيف عنهم نتيجة ارتفاع بعض أسعار السلع الغذائية فى الأسواق، فالسلع كانت تباع للجميع بسعر المصنع دون ادنى ربح بهدف توفير احتياجات الاسر المنياوية بأسعار مخفضة وجودة عالية، وكان المعرض مفتوح للجميع ويلبى احتياجات الأسر من كافة السلع الغذائية، حرصا منا على مساندة ودعم أبناء المنيا خاصة محدودى أو متوسطى الدخل، فالمطرانية تحرص على تنظيم، العديد من المعارض السنوية لمراعاة الأبعاد الاجتماعية للشعب المنيا، مثل المعرض السنوى لمستلزمات المدارس.

■ فى سبتمبر 2018 ارسلت خطابا إلى السيد الرئيس، ما سبب ذبك وما محتوى الخطاب؟

- كان سبب الخطاب هو وقوع احداث فتنة طائفية بعزبة سلطان وقرية دمشاو هاشم بالمنيا وتأكيدنا على وحدة المصريين وثقتنا فى سيادة الرئيس وجاء نص الخطاب كما يلى:

سيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى، نحن مسيحيو عزبة سلطان وقرية دمشاو هاشم بالمنيا نحبكم، ونثق بكم، ونقف إلى جواركم، ونصلى لأجلكم، ونتابع العمل العظيم الذى تقومون به من أجل مصر والمصريين، ونثق بأن مشاكلنا سوف تحل بفضل سياستكم الحكيمة، وتأكيدكم على نشر قيم المساواة وحقوق المواطنة وحرية العبادة، حمى الله مصر والمصريين من كل شر ومكروه.

■ لقد التقيت سيادة الرئيس من قبل مع قداسة البابا، ما تعقيبكم على هذا اللقاء؟

- كان اللقاء فى شهر يوليو 2016 وهو اللقاء الذى جمع بين الرئيس عبدالفتاح السيسى، والبابا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية، وبطريرك الكرازة المرقسية و12 قيادة كنسية بمقر رئاسة الجمهورية، أن الرئيس عبدالفتاح السيسى أكد لوفد الكنيسة أنه متابع وملم بما وقع من أحداث فى المنيا، وغيرها من المناطق، مؤكدا اهتمامه بالأمر فى صيغة وعد منه، الرئيس لم يفصح عن الإجراءات التى يعتزم اتخاذها، ونحن لم نسأله عن نيته، لكننا نثق فيه

لقد تحدثت مع السيد الرئيس خلال اللقاء عن بعض معاناتنا كأقباط بالمنيا، وقلت له: «أنا بنقل نبض الناس بالمنيا وفى أماكن أخرى لكننى أعنى المنيا تحديدا أنقل نبضهم وآلامهم لكم»، وقال الرئيس لنا أنه متفهم ومتابع و«ما تزعلوش» كانت الجلسة طيبة جدا استمع خلالها الرئيس لوفد الكنيسة بطول أناة وكان لطيفا جدا ومتفهما جدا ووعدنا بأنه مهتم جدا بما يحدث ونحن مطمئنين أن نترك الإجراءات تلك لتدبيره وحكمته مع الحكومة.

وان ما يعنى الكنيسة والأقباط فى الأمر أنهم أوصلوا للرئيس معاناتهم الشديدة وأجاب الرئيس بأنه يعرف ما حدث فى المنيا ومناطق أخرى وحدد لنا العديد من المناطق كدليل على متابعته.

■ هل طالبت بالتدخل الاجنبى فى القضايا القبطية مثل القضية المعروفة إعلاميا باسم «سيدة الكرم»؟

- لم يحدث مطلقا اننا طالبنا بتدخل الخارج فى قضية سيدة الكرم بالمنيا أو اية قضية أخرى، وكل ما نقوله انه يجب الإسراع فى حسم القضية حتى لا تصبح الساحة متروكة للتدخل، بمعنى نود قطع الطريق بسرعة على أى شخص أو جهة تحاول استغلال الموقف.

اننا نرفض رفضا قاطعا أى تدخل خارجى وقد رفضنا أى تدخل خارجى فى أزمة قرية الكرم، على خلفية الاعتداء على أقباط القرية بسبب شائعة عن علاقة بين مسيحى ومسلمة، أسفر عن حرق منازل القرية وتعرية والدة الشاب المسيحى، وتدعى سعاد ثابت.

لقد رفضت بالفعل محاولات بعض الأطراف الخارجية لتصعيد القضية، لأننى متأكد من أن القضية ستحل محليا

ان اعتذار السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى للسيدة سعاد ثابت، سيدة المنيا، التى تم تجريدها من ملابسها، على خلفية الأحداث التى شهدتها قرية الكرم بمركز أبوقرقاص، أثلج صدورهم.

أن اعتذار الرئيس للسيدة سعاد وكل سيدات مصر، وتأكيده سيادة القانون، أثلج صدورنا، ففيه رد للاعتبار، ورد على كل من حاول الاستخفاف بالأمر.

■ بخصوص الانتخابات البرلمانية، يُشيع البعض ان الكنيسة تعطى توجيها لأبنائها لاختيار مرشح بعينه أو قائمة بعينها، ما رأيكم فى ذلك؟

- نحن نشجع الشعب على المشاركة الإيجابية، وأن كل شخص صوته هام ومؤثر، ولكننا لا نوصى بتأييد مرشح بعينه، فالمهم هو البرنامج الانتخابى الذى يتقدم به المرشح، ونحن ليست لنا مطالب طائفية ولا محلية وإنما مصلحة البلاد والعمل على رفع مستوى المعيشة والوعى بين الناس، ومن هنا نضع أيدينا فى يد كل من يحب مصر ويعمل لخيرها. وأنا شخصيًا أحب أن يكون المرشح واقعيًا من جهة وعوده وطموحاته، كما يود الناس أن يجدوا النائب بعد نجاحه بينهم وينقل نبضهم إلى البرلمان ويتحدث باسمهم ويُعنى بمتاعبهم ومعاناتهم.

ولاشك أن الناس الآن أكثر وعيًا وتحمسًا للمشاركة فى الانتخابات، وأرجو ألا يخذل النواب الناس مرة أخرى كما كان يحدث من قبل، كما أن البرلمان القادم عليه مسؤوليات كثيرة جدًا لاسيما التشريع، ونحن نصلى لأجل كل المرشحين ومن أجل سلام البلاد ورقيها.

فالكنيسة على مسافة واحدة دائما من كل المرشحين، ولكننا نحفز ونشجع الشعب على الذهاب لصناديق الاقتراع والمشاركة الايجابية.

■ عقب كل مشكلة طائفية يلجأ الأمن– احيانًا كثيرة– لعقد جلسات الصلح العرفية، ما رأيكم فى هذا وهل الجلسات العرفية هى الحل لمشاكل الفتنة الطائفية؟

- بخصوص ما يُسمى بالجلسات العرفية، أنا شخصيًا لا يمكن أن أقبل بها كبديل للدولة بكل مؤسساتها، فنحن دولة ذات سيادة وذات مؤسسات، دولة فيها قانون وقضاء شامخ نحترمه، أمّا أن تكون الجلسات بديلًا للأجهزة الأمنية والقضاء فهذا فيه إهانة لا نقبلها، ولكن يشترك أحيانًا بعض العقلاء فى مصالحات مجتمعية، فإذا قبل شخص ما أو جماعة ما بالتصالح والتفاهم من خلال وجهاء القوم فلا مانع، فهذا شأن قبلى أو مجتمعى، وهو ما يرد كثيرًا فى التاريخ والتراث أن يجتمع شيوخ المدينة ليفصلوا فى بعض الأمور. وأذكر هنا بالشكر كثيرًا من وجهاء المحافظة وشيوخ القبائل العقلاء الذين يبذلون جهودًا كبيرة من أجل التعايش السلمى.

ولكن يحدث أحيانًا أن يضطر الاقباط إلى قبول جلسات القضاء العرفى من أجل التعايش السلمى مع إخوتهم المسلمين، ولكن ما هو غير مقبول أن يكون هناك تحامل عليهم، وأن يضطروا لقبول شروط مهينة ومذلة من أجل التعايش وبسبب عدم وجود بديل، فهذا أمر غير مقبول، ونناشد الأجهزة المعنية بإعمال القانون وحفظ هيبة الدولة.

■ خلال لقائه بوفد الصحفيين الأفارقة فى مايو 2016 ذكر قداسة البابا تواضروس الثانى أن تعداد الأقباط بمصر نحو 15 مليون نسمه، فما رأيكم فى هذا التعداد والى اى مدى تراه دقيقًا؟ وكم يبلغ تعداد أقباط محافظة المنيا تقريبًا؟

- العدد الذى ذكره قداسة البابا صحيح بل أقل من العدد الفعلى، وبالطبع زاد العدد خلال الاربع سنوات التالية لتصريح قداسته وفى الانتخابات الرئاسية الأخيرة، بلغت نسبة تصويت الأقباط ٤٠% من مجموع الأصوات الذى بلغ 25 مليونا، أى أن أصوات الأقباط الانتخابية بلغت أكثر من ستة ملايين صوت من الذين لهم حق الانتخاب، يُضاف إليهم الذين هم دون السن القانونية، والذين لم يستطيعوا الخروج للانتخابات لأسباب شخصية، أو بسبب مشكلة تسجيل الوافدين، والذين لم يستطيعوا الإدلاء بأصواتهم لأسباب متعددة، بالإضافة إلى أعداد الأقباط المهاجرين الذين لم يدلوا بأصواتهم، مما يعنى أن العدد الفعلى تجاوز الخمسة عشر مليونًا.

أمّا عن عدد الأقباط فى المنيا فهو يصل إلى مليونى قبطى، فإن محافظة المنيا تتميز بأكبر تجمع قبطى، وتصل نسبة الأقباط فى المحافظة من ٣٨ إلى ٤٠% من مجموع السكان، وهو أكبر عدد للأقباط فى محافظة أو إيبارشية فى مصر كلها وخارجها، وحتى الأعداد الكبيرة فى القاهرة والإسكندرية أكثرهم وافدون من محافظات أخرى لاسيما الصعيد، كما أن هناك عددًا كبيرًا جدًا من ابناء المنيا ينتشرون فى كل مكان بمصر وخارج مصر، فهناك جاليات كبيرة جدًا بأوروبا وأمريكا وكندا واستراليا من الأقباط لاسيما من المنيا، ويرجع الفضل لشباب المنيا فى تعمير الأديرة والكنائس فى مصر.

■ كنت عضوا باللجنة الثلاثية التى شكلها البابا لمتابعة وحل مشكلة دير الريان بالفيوم، حدثنا عن الامر، وهل جامل البابا الدولة بالتخلى عن جزء من ارض الدير؟

- وادى الريان منطقة لها قيمة أثرية فرعونية وقبطية، تحولت منذ القرن الرابع إلى منطقة رهبانية، وظلت عامرة بالحياة الرهبانية حتى القرون الوسطى، ثم اتجه إليها بعض الرهبان فى الستينيات من القرن السابق وعاشوا فيها لفترة ثم تركوها، ثم اتجه إليها أحد الرهبان فى التسعينيات وجمع حوله بعضًا من راغبى الحياة الرهبانية، وتكاثر العدد جدًا حتى بلغ مائتين وخمسين ساكنًا، واحتدم الخلاف بين السكان هناك من جهة، والدولة من جهة أخرى، عندما قررت الدولة شق طريق داخل المنطقة ضمن خطة طموحة لربط المحافظات معًا، ورأت الكنيسة أنه من حق الدولة أن تعمل ما تراه ضروريًا لأجل الصالح العام، بينما احتجّ السكان هناك بأن مرور الطريق فى عمق المكان سيكون له آثاره السلبية، وعبّروا عن اعتراضهم بطرق رأتها الكنيسة غير مناسبة، بينما انتهجت الدولة أسلوب ضبط النفس آملة أن تُحل المشكلة داخليًا وألا تكون طرفًا فيها.

وكوّن البابا لجنة من ثلاثة أساقفة للتوفيق بين الساكنين هناك ومطالب الدولة، وبعد زيارات متعددة وحوارات كثيرة لم نصل إلى حل مرضٍ، واقترحتُ أنا إقامة دير يماثل الأديرة الأخرى كتلك التى فى وادى النطرون وغيرها، ليحيا فيها الساكنون هناك حياة رهبانية داخل سور يحميهم، وحول أب يدبر امورهم، ويتبع ذلك الاتفاق مع الدولة فى الحصول على مساحة من الأرض لاستصلاحها كبقية الأديرة.

وقد أكدت الكنيسة فى أكثر من مناسبة وفى بياناتها المتعددة أنها تتمسك بعدم مساس الدولة بالمنشآت والآثار فى المنطقة. وبالتالى لم تجامل الكنيسة الدولة على حساب الأقباط، وانما رأت أن المساحة التى يحيون فيها كبيرة جدًا، مما يسمح للدولة بتنفيذ مشروعها القومى مع استمرار الحياة الرهبانية هناك.

■ كيف يتم اختيار الآباء الكهنة للرسامة وبعضهم لا يحصل على مؤهلات لاهوتية؟

- أغلب الكهنة حاصلون على مؤهلات لاهوتية، لكن المؤهل اللاهوتى وحده غير كافٍ، فهناك صفات يجب أن يتحلى بها الكاهن، مثل الأبوة والرعاية والتعليم والإدارة والحكمة والاحتواء. واختيار الكهنة يتم من خلال عدة مراحل، فهناك لجنة مكونة من سبعة من الآباء يناقشون المرشحين، ثم من خلال التصويت السرى يُختار منهم من هو مناسب، ثم يخضع المرشح المختار لتحاليل واشعة طبية للتأكد من سلامته من الأمراض التى قد تعيقه فى خدمته، ثم يتم التناقش مع زوجته للتأكد من موافقتها وكذلك أولاده إن كانوا كبارًا، أمّا من جهة الشعب فإذا تقدموا بمرشح وتم اجتيازه الاختبارات فإنه يُرسم على اسم الكنيسة، وأمّا إذا لم يتفق الشعب على مرشح بعينه، تُفوَّض المطرانية فى ذلك، بعد ذلك يتم الاعلان على موقع الايبارشية الإلكترونى والتواصل الاجتماعى ولمدة أسبوع عن المرشحين حتى يتسنى للجميع معرفتهم، ولكى تُتاح الفرصة لمن لهم أيّة آراء أو اعتراضات على مرشح بعينه إبلاغ المطرانية، وفى حالة وجود اعتراض حقيقى أو مانع جوهرى من الرسامة فإنه يؤخذ به، كما يحدث أيضا أن يعتذر بعض المرشحين بأنفسهم عن الرسامة، ويتم النزول على رغبتهم وتأجيل ذلك.

■ اختفاء بعض الأقباط وبعض القاصرات والفتيات القبطيات، كيف ترى هذه الأزمة؟

- عن اختطاف الفتيات سواء البالغات أو القاصرات، فلا شك أن بعض المختفيات هربن بمحض إرادتهن، ولذلك فإننا نصف الأمر فى البداية بأنه تغيُّب إلى أن نتحقق من الأمر، ولكننا مررنا بفترات كان اختطافهن أمرًا ممنهجًا، وكانت تقوم به جماعات تدعمها بعض القوى، بعض الأغنياء من مصر وخارجها، وكان الأمر اشبه بتجارة، بل كانت هناك مراكز وأماكن وأشخاص اشتهروا بذلك، ولكن تغير الأمر قليلًا بعد الثورة. والذى يحدث أحيانًا الآن هو هروب فتاة مع شخص ربما لعلاقة عاطفية أو لخلافات مع الاسرة أو مشاكل أخرى وكلها أمور بعيدة عن العقيدة، ويطلب الأهالى من الأجهزة الأمنية إرجاعها بالقانون، بل وأحيانًا يتورط بعض من المسؤولين غير الأمناء فى عدم عودتها إمّا بالإغراء أو الترهيب، وأحيانًا يتم داخل أقسام الشرطة الكثير من المخالفات من هذا النوع، بالرغم من أن رجل الأمن دوره حماية الشعب أيًا كان معتقده أو دينه، ونحن نطالب من جديد بعودة جلسات النصح ليطكون هناك شفافية فى الأمر، كثير من العائدين رووا الكثير مما حدث من تجاوزات من المسؤولين.

ومع ذلك أذكر بكثير من الشكر بعض المسؤولين الأمنيين الذين سلكوا بشفافية ونبل فى مثل تلك المواقف، حين راعوا أن الأمر ليس مسألة رغبة فى التحول وإنما لأسباب أخرى، ومن ثَم تدخّل لمعالجة الأمر مجتمعيًا.

كما تعرض الكثير من الرجال للاختطاف وتم دفع مبالغ طائلة للمختطفين تلافيًا لقتلهم، وفى هذا الإطار، كان هناك أنواع من عصابات الخطف، هناك عصابة تختطف وتساوم أهل المختطف لدفع فدية نظير إخلاء سبيله، وأخرى تخطف ثم تبيع المختطف لعصابة أخرى فيما يشبه التجارة، وثالثة تتطفل على عمليات الاختطاف وتنتحل صفة العصابة الخاطفة للحصول على المال ليتفاجأ كلا الاثنين الخاطفون وأسرة المختطف، أنهم قد تم النصب عليهم، ورابعة تهدد فقط بالخطف فى سبيل الحصول على بعض المال دون تكبد عناء الخطف ومسؤوليته، وخامسة تخطف وتحصل على ما تطلبه من مال ثم تقدم على قتل المختطف وبذلك يصبح فى بيته موت وخراب. وقد روى العائدون من الاختطاف قصصًا جديرة بالتسجيل، مليئة بالغرائب والمفاجآت.

■ نعرف ان البابا يثق كثيرًا فيكم ولهذا تم تكليفكم بالإشراف على أهم مطبوعة للكنيسة وهى مجلة الكرازة، كيف تم اختياركم وكيف كانت المجلة وماذا عملتم من اجل تطويرها وكم عدد يطبع منها؟

- مجلة الكرازة هى المجلة الناطقة باسم الكنيسة القبطية الارثوذكسية، أنشأها المتنيح البابا شنودة الثالث وكان يوليها اهتمامًا كبيرًا، ويخصص لها وقتًا كبيرًا، ويدوّن الكثير من الاخبار والمقالات بنفسه، وكان يعتبر أنها نافذته على الشعب، مثلها فى ذلك مثل اجتماعه الأسبوعى كل أربعاء، وتعتبر المجلة أيضا توثيقًا للكنيسة والعمل الرعوى لقداسة البابا، كما أنه يُنشر بها القرارات المجمعية والبابوية، وكل ما يُنشر بها يعبّر عن البابا والكنيسة.

بعد نياحة البابا شنودة تعثّر صدورها لأشهر، ومن ثم كلفنى قداسة البابا تواضروس بالإشراف على صدورها، وهذا شرف كبير لا استحقه، وتم تكوين أسرة للتحرير متخصصين فى مجالات متعددة، وكان توجيه قداسة البابا أن يتسع المجال للجميع للكتابة فيها، كما أوصى بأن تكون المقالات صغيرة ليتمكن القارئ من قراءة أكبر عدد ممكن منها، لا سيما فى هذا الوقت الذى لا يميل الكثيرون فيه للقراءة.

يُطبع منها متوسط خمسة وعشرين ألف نسخة، بينما يتم نشرها إلكترونيا على موقع مخصص لها، كما تم عمل تطبيق لها على أجهزة«أندرويد» وأصبح من الممكن تنزيلها على جهاز المحمول والهواتف الذكية. وتنتهج المجلة البعد عن الإعلانات سواء التجارية أو حتى الكنسية، وإنما يقتصر الإعلان فيها على ما يخص الكنيسة الأم والكاتدرائية.

■ هل رجع قداسة البابا إلى المجمع المقدس واستشاره قبل موافقته على الحضور مع رموز القوى الوطنية يوم 3 يوليو وقت إعلان وزير الدفاع بيان خارطة الطريق؟

- بخصوص حضور قداسة البابا مع الرموز والقوى الوطنية يوم إعلان خارطة الطريق من خلال وزير الدفاع يوم ٣ يوليو، فقد رأى الرئيس (وزير الدفاع آنذاك) أن يكون القرار وطنيًا يمثل كل شرائح المصريين، ليكون قرارًا مصريًا وليس فرديًا، ومن ثم ظهرت مصر ممثلة كلها فى المشهد، وحضور قداسة البابا فى المشهد مثله مثل حضور فضيلة شيخ الأزهر، فهما يمثلان المسيحيين والمسلمين وما ينطبق على الواحد ينطبق على الآخر، فلم يحضر شيخ الأزهر خصيصًا للإطاحة برئيس الجمهورية السابق، وإنما تلبية لرغبة الشعب الذى نزل بكامله فى ٣٠ يونيو. كما لم تكن هناك مشكلة شخصية للرئيس السابق محمد مرسى مع البابا، بل احتفظ قداسة البابا بعلاقة محبة مع الكل.

■ ما موقف الكنيسة ضد من يتربحون من الخدمة أو من يسيئون إلى الخدمة بأية صورة.

- الراعى شخص يبذل نفسه عمن يخدمهم حتى الموت، وقد قبل المسؤولية عن طيب خاطر، والقديس بولس الرسول يقول للذين يخدمهم إنه «ينُفق (بضم النون) لأجلهم»، الراعى قلبه وبيته مفتوحان للكل، كما أن الراعى يتحمل الكثير لأجل أولاده، والكنيسة تؤكد باستمرار على ذلك. إن قيمة الإنسان تُحسب بمقدار ما يبذل وليس بمقدار ما يستهلك، وكلما أنكر الإنسان نفسه نجح فى خدمته، ولعل أعظم ربح للخادم هو الله نفسه، ومن ثم يضحى بأى شىء ليربح الله ومستقبله الأبدى.

■ هل هناك فرق بين الطلاق وبطلان الزواج؟

- الزنى يحتاج إلى دليل حتى لا يُظلم إنسان ما. وهناك أيضا ما يُسمى بطلان زواج، وهو اكتشاف خداع ما بعد الزواج وفى هذه الحالة يكون عقد الزواج قد وُلد ميتًا، أمّا ما يُسمى بالخُلع فالكنيسة لا تقبل بأسباب أخرى سوى ما ذكرتُ، كما أن الكنيسة لا تفحص أيّة قضية طلاق قبل أن يبت فيها القضاء المدنى حيث أن الزواج يسجل فى السجلات المدنية.

ولكن الكنيسة والكهنة يبذلون جهدًا كبيرًا للتوفيق بين المختلفين حتى تستمر الحياة بينهما، كما تقوم المطرانية الآن باعطاء كورسات للمقبلين على الزواج وحديثى الزواج، للتوعية بطبيعة الحياة الجديدة والمشاكل التى يمكن أن تواجههم، وكذلك محاضرات عن كيفية اختيار شريك الحياة، وأخرى عن الابعاد الجسدية والروحية والاقتصادية.

■ قامت مطرانية المنيا بتكريم الاطقم الطبية بالمنيا وإهدائهم دروعًا تذكارية لأعضاء الفرق الطبية، حدثنا عن ذلك؟

- هى لفتة إيجابية مشجعة، تعبيرًا عن الشكر والتقدير لما بذله القطاع الطبى بالمنيا من أطباء وتمريض ومعاونين وإداريين، من جهودٍ لمواجهة فيروس كورونا المستجد.

قمت بتشكيل وفد كنسى، زار عددًا من المستشفيات، وهى، مستشفى الصدر بالمنيا، مستشفى القلب والصدر الجامعى بالمنيا الجديدة، المستشفى الجامعى بالمنيا، مستشفى التأمين الصحى بالمنيا، مستشفى الحميات بالمنيا، مرفق هيئة الإسعاف والطوارئ بالمنيا.

ومنذ ان افتتحت الكنائس للصلاة بعد أزمة كورونا، فى أغسطس الماضى، ونحن نضع عددا من الضوابط والإرشادات لحضور القداسات

وتشمل شروط وضوابط حضور القداسات التى أعلنتها المطرانيات والكنائس فى بيانات لها عبر صفحاتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعى «فيسبوك»: التسجيل مسبقا قبل حضور القداس من خلال منصة التسجيل الإلكترونية،

وتشمل إجراءات الدخول إلى القداس، الدخول من باب الكنيسة لقياس درجة الحرارة مع إبراز بطاقة الرقم القومى، وحددت الكنيسة موعد الدخول قبل بدء القداس بنصف ساعة فقط بعدها سيغلق الباب الخارجى للكنيسة ويمنع الدخول أو الخروج.

ومنعت الكنيسة السلام باليد نهائيا والاكتفاء بالتحية بالانحناء فقط، مع ارتداء الكمامة منذ دخول الكنيسة من الباب الخارجى وحتى الخروج منها، كما ناشدت الكنيسة المصلين إحضار مستلزماتهم الشخصية من «كتاب الصلوات وغطاء رأس السيدات وزجاجة المياه».

وأكدت أنه سيتم فتح باب الكنيسة للانصراف تباعا، دون تكدس، وفى حالة التعذر عن الحضور يجب الإبلاغ مسبقا لإعطاء فرصة لشخص آخر. وناشدت المطرانية ابناء الكنيسة انه فى حالة المعاناة من أعراض البرد أو أى مرض معد يجب التزام المنزل حتى يتم الشفاء حفاظا على صحة الآخرين.

فالكنيسة تقوم بتطبيق كافة الإجراءات الاحترازية لمنع انتشار عدوى فيروس كورونا.

■ كم عدد الكنائس التى تعرضت للسلب والنهب والحرق عقب فض اعتصامى رابعة والنهضة، وماذا عن الأقباط الذين أضيروا ووصلت خسائر بعضهم إلى نحو عدة ملايين جنيه؟

- اختصت المنيا بنسبة ٦٥% من الخسائر والدمار الذى حدث يوم ١٤ اغسطس ٢٠١٣، ما بين كنائس ومؤسسات ومتاجر ومنازل، وكانت الخسائر فادحة، وساهمت الكنيسة مع بعض أفراد من الشعب فى مساندة المنكوبين ليستطيعوا القيام من تلك الكبوة، وقد غالبوا جروحهم وتجاوزا الأزمة، بينما لم تقدم لهم الحكومة أدنى تعويض، ولكنهم شكروا الله واعتبروا ذلك فخرًا لهم أن تُسلب ممتلكاتهم وتُحرق متاجرهم وبيوتهم لكونهم مسيحيين فقط. وقد وعدت القوات المسلحة آنذاك بإعادة تعمير الكنائس والمؤسسات، ووفت بوعدها طبقا لجدول زمنى محدد، اننى اتقدم بوافر الشكر والتقدير للسيد الرئيس عبدالفتاح السيسى رئيس الجمهورية الذى وعد فأوفى وأعطى تعليماته بأعمار كافة الكنائس التى دمرت فى 14 كما اتقدم بالشكر للقوات المسلحة على مجهودها فى إعمار ما دمره الإرهاب وكل الشكر لرجال الوطن الأوفياء أبناء القوات المسلحة، من أجل الحفاظ على أمن واستقرار الوطن وحمايته داخليًا وخارجيًا، وكذلك (الهيئة الهندسية للقوات المسلحة)، لما بذلوه من جهود فى إعادة إعمار ما دمره الإرهاب الأسود،

فمحافظة المنيا من أكثر المحافظات التى تضررت من الأعمال الإرهابية لجماعة الإخوان بحرق أكثر من 16 كنيسة ومبنى للكنيسة فضلا عن عشرات منازل الأقباط ومتاجر ومدارس، فقداسة البابا تواضروس الثانى يؤكد ان «وطن بلا كنائس أفضل من كنائس بلا وطن»

فالكنيسة المصرية كنيسة وطنية عبر التاريخ وكلام قداسة البابا درس وطنى لكل الاجيال القادمة للحفاظ على الوطن وحمايته

■ أنت كثير الاطلاع ولك انتاج ادبى كبير جدا باللغتين العربية والانجليزية، فلمن يقرأ الأنبا مكاريوس؟ وما أهم الكتب التى قرأتها؟ واهم الكتب التى كتبتها؟ وما اشهر المقالات التى كتبتها باللغة العربية؟

- تتلمذت على كتابات وعظات المتنيح البابا شنودة والانبا يؤانس والأنبا موسى والأب تادرس يعقوب وآخرين، والكتابات الرهبانية والنسكية والصوفية، وعلى الأدباء: الروسى ليف تولستوى، واللبنانى جبران خليل جبران، والعالمى نجيب محفوظ، وآخرين، وقد كتبت حوالى الستين كتابًا ما بين البحثى الموسوعى وتراجم قديسين والتاريخ والعقيدة، وكتب أخرى عادية وكثير من الكتيبات فى شتى المجالات، وثلاث مجموعات قصصية طُبع بعضها حوالى العشرين طبعة. ولا ادعى أننى كاتب أو خطيب مفوه، ولكننى أحاول المساهمة ببساطة فى هذا المضمار. وأمّا المقالات فقد كتبت منها فى جميع المجالات تقريبًا.

وأذكر أننى لا يمكن أن أكتب إلا ما أشعر به وأتفاعل معه، وإن كنت اضطر إلى الكتابة عندما يُطلب منى أحيانًا للضرورة، وجاءت أهم كتاباتى فى وسط الأزمات التى مرت بها محافظة المنيا الغالية.

وعندما أكتب فإننى أبذل مجهودًا كبيرًا، مهما كان حجم الكتاب صغيرًا، وما أن تتسلمه المطبعة حتى يصبح سلعة أشتريها كأى مشترٍ، وتنتهى علاقتى به تمامًا فلا اقرأه ولا أهديه لأحد، فأنا لا أحب أن أهدى أحدًا شيئًا من كتبى، وإنما كتب لكاتب آخر.

■ مسؤوليات ومشغوليات الأب الأسقف كثيرة جدا، هل تلك المشغوليات تزعجكم وأنت أب راهب زاهد فى الدنيا؟

- كنت قد قررت ألا أغادر الدير، وقد مكثت فى الدير خمسة وعشرين عامًا متصلة، ولما دعانى المتنيح البابا شنودة لتسلم مسؤولية دير الأنبا انطونيوس فى كاليفورنيا وافقت لأنه دير أيضا، ولكن قبل سفرى بأسابيع طلبنى نيافة الأنبا أرسانيوس لأكون أسقفًا عامًا معه فى الإيبارشية، وجئت إلى المنيا لعدة أشهر قبل ان تتم رسامتى فى مايو ٢٠٠٤، ولا شك أن الحياة فى العالم تختلف عن البرية، ولكنى قبلت الدعوة وأعرف مسؤولياتى وأنها تتطلب جهادًا من نوع آخر، غير أن أية دقائق يمكن استخلاصها أقضيها فى القلاية، وأنا اقضى تقريبًا نصف اليوم فى الخارج بين الناس ما بين لقاءات وقداسات واجتماعات ومجاملات، والنصف الآخر فى الداخل ما بين القراءة والكتابة والرد على الرسائل والايميلات، وعمل الاتصالات وتلقيها.

■ ما أحلامكم وأمانيكم للمنيا بصفة عامة وللكنيسة بصفة خاصة ؟

- أرجو من كل قلبى لهذا الشعب العظيم، أن يجد من يهتم به ويستثمر موارده الطبيعية، ويساعد الشباب على التمسك ببلده، وعدم التشتت فى جميع أنحاء العالم بحثًا عن مورد رزق وعن حياة أفضل، فلدينا إمكانيات جبارة بدنية وذهنية يمكن استثمارها هنا، والدليل هو نجاح شبابنا خارج البلاد، بل هم الذين عمروا العالم كله. أتمنى أيضا القضاء على التلوث والذى وصلت نسبته فى المنيا أعلى المعدلات، ونسبة المصابين بأمراض الكلى والكبد والأورام وأمراض العيون مزعجة للغاية، كما أن لدينا آمالًا عريضة فى النواب الجدد فى البرلمان القادم، ولدينا آمال أكبر فى حكومتنا الرشيدة تحت قيادة الرئيس المستنير عبدالفتاح السيسى.

وكنسيًا أتمنى الاهتمام بكل فرد فى الكنيسة، وللكنيسة دور هام فى تقديم نماذج أمينة مشرفة قادرة على القيام بدور ريادى فى المجتمع.