السوق العربية المشتركة | ماذا لو اغلقت واشنطن سفارتها في بغداد؟

منذ ان نشرت جريدة واشنطن بوست تهديد الخارجية الأمريكية بأنها ستغلق سفارتها في بغداد اذ لم تتمكن الحكومة العر

السوق العربية المشتركة

الأربعاء 27 نوفمبر 2024 - 21:14
رئيس مجلس الإدارة
أمانى الموجى
رئيس التحرير
أشرف أبوطالب
ماذا لو اغلقت واشنطن سفارتها في بغداد؟

ماذا لو اغلقت واشنطن سفارتها في بغداد؟

منذ ان نشرت جريدة "واشنطن بوست" تهديد الخارجية الأمريكية بأنها ستغلق سفارتها في بغداد اذ لم تتمكن الحكومة العراقية  من وقف قصف الجماعات المسلحة للاهداف الامريكية والتعليقات العراقية والعربية والدولية لم تتوقف.. فقد اثار التهديد ذعر العديد من القوى والجماعات المرتبطة بالسياسة الامريكية، بينما اعتبرته اقلام امريكية قرار متعجل وغير قابل للتنفيذ.



بعض التعليقات العربية اشارت الى اتصال وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو برئيس الجمهورية العراقية برهم صالح وبرئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي وتهديده بمغادرة طاقم سفارته في بغداد، وربما قواته واعتبرته يتجاوز حدوده الدبلوماسية .. فما حقيقة الانسحاب وما هي تداعياته الميدانية لو حدث؟

تعد السفارة الامريكية في بغداد هي الاكبر بعشرة مرات من اية سفارة امريكية في العالم ومساحتها اكبر من مساحة دولة الفاتيكان، وتحتوي على 21 بناية يتخللها طرق سرية ودهاليز وخمسة مداخل أمنية مشددة، ومدخل طوارئ، وفي شوارعها مطاعم ومتاجر ومدارس وصالات السينما وحمامات سباحة، وصالات رياضية، وملاعب كرة سلة وكرة قدم ومحطة إطفاء وأنظمة إنتاج الكهرباء ومعالجة النفايات، ونظام لإدارة مياه الصرف الصحي، وبحوزتها وسائل اتصالات متطورة. صُممت كحصن مضاد للقنابل البيولوجية، وزُودت بنظام تنقية الهواء من أي هجوم كيماوي أو بيولوجي. يصف الرئيس الامريكي دونالد ترامب على حسابه في تويتر، قوات حماية السفارة قائلاً "تم إرسال أفضل المقاتلين ، برفقة المعدات العسكرية الأكثر فتكاً في العالم"!! ويرى المراقبون بأن السفارة تحولت الى قاعدة عسكرية بعد ان نصبت منظومة دفاع جوي متوسطة المدى ومخصصة للتصدي للصواريخ والهاونات واطئة الارتفاع، وهو انتهاك للاعراف الدبلوماسية.

يعدد ديفيد بولوك الباحث الخبير في معهد واشنطن ثمانية أسباب لحاجة الولايات المتحدة والعراق إلى بعضهما البعض.من بينها ان العراقيين يفضّلون نظاماً ذو سيادة يوفر السلم الاهلي والتعددية ومندمج في المجتمع الدولي. ويعتقد بولوك بأن الوجود الدبلوماسي والعسكري الأمريكي يساعد في تعزيز ذلك. ويضيف: الامريكيون بحاجة إلى مكانة العراق الجيوستراتيجية والسياسية، كما انهم بحاجة ايضاَ لنفط العراق باعتبار ان العراق من كبار المصدرين للنفط، ويملك احتياطيات ضخمة. ويخشى الطرفان العراقي والامريكي من تنظيم داعش الذي ما زال يهددهما إذ قام بتنفيذ 867 عملية إرهابية داخل العراق وحده، ويملك-حسب الامم المتحدة- احتياطي نقدي يقدر بـ 300 مليون دولار. إن امريكا تجازف بتكرار أخطاء عام 2011 حين أدّى الانسحاب المبكّر لقواتها إلى صعود تنظيم داعش .

بينما اعتبر مايكل نايتس من معهد واشنطن أيضاً ولكنه باحث يعمل بالتعاون مع قوات الأمن في العراق منذ عام 2003، أعتبر ان العلاقات بين الولايات المتحدة والعراق على مفترق طرق، وذلك لعجز الحكومة العراقية ردع الجماعات المسلحة التي تستهدف الوجود الامريكي في العراق. ولكن نايتس يصر على استمراية الوجودين الدبلوماسي والعسكري الامريكي في العراق.

وبتقديرنا فإن اغلب الباحثين وصناع القرار الامريكي لا يوافقون على تهديد ترامب وادارته بالانسحاب ولا يعتبروها جدية وذلك لما ستسببه من تداعيات كارثية على السياسة الامريكية الشرق اوسطية ومنها: أولاً : غلق السفارة سيكون هزيمة سياسية كبيرة لواشنطن والانسحاب العسكري سيكون انتصاراً لإيران. 

ثانياً: الانسحاب يعني بنظرهم زيادة فعلية لسيطرة إيران على موارد الطاقة والموارد المالية الضخمة. ثالثا: سوف يعزز الانسحاب الأمريكي مخاوف الأردن من مصداقية الولايات المتحدة . رابعاً: سيشكل الانسحاب تهديد مباشر للأمن الإسرائيلي. إذ أنه سيمنح إيران حريّة الحركة في العراق، وستصل عبر سوريا، إلى حدود إسرائيل. وستضطر اسرائيل لتكثيف عملياتها العسكرية في العراق.

خامساً: قد تضطر واشنطن لفرض عقوبات على بغداد وعلى مجموعة من السياسيين ورجال الميليشيات وقد تتخذ تدابير عسكرية وامنية "وقائية" لحماية قواعدها.

تلك هي بعض تداعيات غلق السفارة الامريكية او الانسحاب التي يسجلها صناع القرار الامريكي، ويعلم الجميع بان مجرد شعور اسرائيل بان الغلق او الانسحاب يمكن ان يهددا امنها حتى توعز لمجموعات الضغط المرتبطة بها في واشنطن ولادارة الرئيس ترامب لكي يتوقف عن تهديداته.

 فالحقيقة الوحيدة التي تعترف بها الادارة الامريكية هي ان للامن الاسرائيلي اسبقية في السياسة الامريكية على كل ما عداه .